الأعشاب البحرية تتمدد آلاف الكيلومترات بالأطلسي.. ما السر؟
نشرت مجلة ساينس نتائج دراسة قام بها فريق من العلماء بإشراف من كلية العلوم البحرية في جامعة كاليفورنيا، كشفت عما وصفه العلماء بأنه أكبر إزهار للأعشاب البحرية، حيث يبلغ طوله ثمانية آلاف و850 كيلومترا، أي ما يقارب خمسة آلاف وخمسمائة ميل عبر المحيط الأطلسي، ويقدر وزنه بحوالي عشرين مليون طن متري من طحالب سرجاسوم، وهو ما يزيد على وزن مئتين من حاملات الطائرات الممتلئة بالكامل.
نقطة تحول
وقد تمكن الباحثون من تحديد نقطة التحول التي حدثت في ظاهرة إزهار الطحالب منذ عام 2011، وذلك باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية من وكالة ناسا وبالاعتماد على العينات التي تمكنوا من جمعها من الحزام نفسه.
وقد وجدوا بأنه منذ ذلك الحين كان معدل الإزهار كبيرا، كما أنه يزداد كل عام تقريبا، ولم يجدوا أي دلالة على تغير اتجاه انتشار الإزهار، الذي امتد على طول الطريق من غرب أفريقيا إلى خليج المكسيك.
وقد ربط العلماء هذا التغيير بزيادة معدلات إزالة الغابات، واستخدام الأسمدة في البرازيل التي يتم تصريفها عبر منطقة نهر الأمازون، إضافة إلى أن ارتفاع منسوب مياه البحر قبالة غرب أفريقيا أسهم أيضا في زيادة العناصر الغذائية التي يتم رفعها من المياه العميقة إلى السطح.
وقد خلص الفريق إلى أن لملوحة ودرجة حرارة الماء دورا كبيرا في نمو السرجاسوم، إذ يزدهر عندما تقل ملوحة مياه البحر وعندما تكون الحرارة معتدلة وأقرب إلى الباردة.
نمط الإزهار الموسمي
ويشير الفريق العلمي إلى تكرار نمط موسمي لإزهار السرجاسوم، حيث تبدأ الدورة من يناير عندما يوفر السرجاسوم الموجود في وسط المحيط الأطلسي بذور أزهار الربيع والصيف اللاحق. ومن ثم يتطور الإزهار في الفترة ما بين ينايرإلى أبريل، ليمتد إلى المحيط الأطلسي الاستوائي وقد يصل بعضها إلى منطقة البحر الكاريبي.
ومن ثم يزداد انتشاره ليشكل حزام السرجاسوم الأطلسي الكبير في الفترة ما بين أبريل إلى يوليوز، ليمتد إلى الشمال الغربي بواسطة تيار شمال البرازيل والتيار الاستوائي الشمالي، ومن جهة الشرق إلى ساحل غرب أفريقيا بواسطة التيار الاستوائي الشمالي. ويبدأ زخم الإزهار بالانخفاض بعد يوليوز، ليتلاشى تدريجيا من شتنبر إلى أكتوبر.
ماذا يعني هذا الإزهار الضخم لمحيطاتنا؟
يوفر السرجاسوم موئلا للسلاحف وسرطان البحر والأسماك والطيور، وكذلك يعد أحد مصادر الأكسجين اللازم للحياة البحرية وذلك من خلال عملية التمثيل الضوئي.
غير أن كثيرا من الطحالب يمكن أن تسبب مشاكل، وذلك من حيث تقييد حركة وتنفس أنواع بحرية معينة، وخاصة حول المناطق الساحلية.
كما أنه يمكن أن يتسبب بعد موته في خنق الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية ولا سيما إذا كان هناك كثير منه في الماء.
إضافة إلى أن تعفن السرجاسوم على الشاطئ يصدر أيضا رائحة تشبه رائحة البيض الفاسد، وذلك بسبب تحريره لكبريتيد الهيدروجين، مما يتسبب بإزعاج كبير للسكان المحليين والسياح، فضلا عن التأثيرات المحتملة بالصحة لمن يعانون من الربو على سبيل المثال.
دراسات مستقبلية
ويرجح الفريق أن تفاقم ظاهرة الإزهار لن يتلاشى في وقت قريب، مما يستوجب إجراء مزيد من الأبحاث حول العوامل الكامنة وراء تفاقم ظاهرة الإزهار، وعن عواقبها المحتملة على هطول الأمطار وتيارات المحيطات والنشاط البشري والحياة البحرية وكيمياء المحيط وغيرها.