مشاريع الحسد الجزائرية تواصل فشلها الذريع….
الدار/ تحليل
هذا هو المشروع الضخم الثاني الذي يتحول إلى مجرد فقاعة كاذبة في الجزائر. مشروع استغلال الفوسفاط بهضبة جنوب ولاية تبسة في شرق البلاد يكشف مجددا أن نظام الكابرانات احترف الوعود الكاذبة والدعايات بعد أن أطلق عناوين عريضة حول استثمار صيني ضخم يصل إلى 36 مليار دولار. وبعد أن قررت المجموعتان الصينيتان اللتان كان من المفروض أن تستثمرا في هذا المشروع الانسحاب منه، أضحى جليا أن النظام الجزائري لا يفتقر فقط إلى مناخ الأعمال الجاذب للاستثمارات بل تنقصه أيضا المصداقية التي تعطي لهذه المشاريع معنىً حقيقيا. مشروع الفوسفاط ينضاف إلى مشروع آخر فاشل هو مشروع استغلال منجم غار اجبيلات الذي أصبح بمرور الوقت حكاية يتداولها الجزائريون للتهكم على وعود تبون.
لم تأت الشركات الصينية مثلما وعد تبون في أعقاب زيارته العام الماضي إلى الصين، لا للاستثمار في الفوسفاط ولا للمشاركة في مشروع استغلال مناجم الحديد، وبينما تبدو الأسباب مرتبطة أساسا بغياب الشروط التحفيزية اللازمة لاستقطاب شركات عملاقة، يواصل النظام الجزائري الكذب على مواطنيه عندما قرر اتهام الشركتين الصينيتين بأنهما لا تمتلكان التمويل الكافي. وفي الوقت الذي سبق للحكومة الجزائرية أن أعلنت العام الماضي أن الأبناك الصينية هي التي ستتكفل بتمويل مشروع الفوسفاط، يعود المسؤولون الجزائريون اليوم إلى تكذيب أنفسهم بالادعاء بأن الأمر يتعلق بعجز هذه الشركات عن توفير السيولة المالية لهذا المشروع.
والحقيقة أن سبب فشل مشروع الفوسفاط تعود أساسا إلى فهم سبب إطلاقه أصلا. لماذا حاول عبد المجيد تبون أن يستقطب الشركات الصينية للاستثمار في الفوسفاط بمنطقة تبسة؟ إنها واحدة من المحاولات اليائسة العديدة التي قام بها النظام الجزائري لسحب البساط من تحت أقدام الاقتصاد المغربي، ولا سيّما من تحت أقدام المكتب الشريف للفوسفاط. هناك هوَس جزائري محموم بمجالات تفوّق المقاولات المغربية، أو المبادرات التي تطلقها بلادنا في شتّى الميادين. على سبيل المثال عندما أطلق المغرب مبادرة أنبوب الغاز نيجيريا المغرب مرورا بالعديد من الدول الإفريقية، قرر النظام الجزائري الحسود إطلاق مبادرة بديلة لإنشاء أنبوب الغاز بين نيجيريا والجزائر. بل وصل الأمر إلى درجة أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دافع عن مشروع الغاز الجزائري لأنه سيكون أقلّ كلفة للمواطن الأوربي، ونسي أن المبادرة يجب أن تهدف في الأصل إلى خدمة المواطن الإفريقي المحروم من خيراته وثرواته.
الغيرة التي تسكن هذا النظام قديمة ومتجذرة في نفوس الكابرانات. ما قصة المسجد الأعظم في الجزائر على سبيل المثال؟ إنها مجرد محاولة أخرى فاشلة لاستنساخ معلمة مسجد الحسن الثاني. كما أن مشروع الطريق العابر للصحراء وصولا إلى الزويرات كان مجرد محاولة أخرى فاشلة لاستنساخ ومنافسة مشروع الطريق السريع بين تيزنيت والحدود الموريتانية، باتجاه العمق الإفريقي. نتذكر أيضا مهزلة أخرى من مهازل المشاريع الفاشلة عندما حاول النظام الجزائري فتح خط بحري بين العاصمة الجزائرية والعاصمة الموريتانية نواكشوط. وسرعان ما أصبح نكتة مضحكة. والأمر نفسه ينطبق على مشروع ميناء الحمدانية الذي يعد أطول ورش في التاريخ، وحاول النظام الجزائري إطلاقه فقط لمنافسة مشروع ميناء طنجة المتوسط.
من حق أيّ بلد أن يطلق مشاريع وأوراش تنموية كبرى لتطوير الاقتصاد والبنيات التحتية، لكن هذا الأمر يجب ألّا ينطلق من غايات تقتصر على المنافسة التي تعكس عقدة نفسية مترسخة في وجدان هذا النظام. المواطنون الجزائريون يستحقون مشاريع اقتصادية واستثمارية ناجحة وتنطلق من احتياجات محلية وتلبّي توقعاتهم وانتظاراتهم الخاصة في ميادين التشغيل والنمو وخلق الثروة. ولا يهمّهم أبدا أن تكون هذه المشاريع داخلة في إطار المحاولات اليائسة لهذا النظام في مسابقة بلادنا، ومحاولة التفوق عليها.
وعلاوة على ذلك يعلم النظام الجزائري جيدا أن منافسة المغرب في مجالات كثيرة وعلى رأسها مثلا إنتاج الفوسفاط مسألة من صميم المستحيل لأن المغرب يعد اليوم أكبر منتج لهذه المادة في العالم. كما أن المكتب الشريف للفوسفاط يمثل مقاولة متميزة، في استغلال هذه المادة، ليس فقط على الصعيد الوطني، بل حتى على الصعيد الإفريقي والعالمي. وإذا ظلّ النظام الجزائري مهووساً بهذا التنافس المرَضي فمن المؤكد أن كلّ المشاريع التي أُعلن عنها ستبوء بالفشل، لأنها لم تؤسَّس على أسس استراتيجية وطنية، بل غرضها الأساسي هو محاولة الإضرار بالمغرب. لكن هيهات أن تنجح مشاريع الحسد