خطاب الرئيس الصيني في قمة العشرين.. الدعوة لتعزيز الحوكمة العالمية والتعاون الدولي
الدار/ خاص
في 18 نوفمبر 2024، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابًا هامًا في الدورة الثانية من الجلسة الـ19 لقمة مجموعة العشرين (G20) التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل. في كلمته، استعرض الرئيس شي التحديات العالمية الكبرى التي تواجهها الإنسانية، وأكد على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والبيئية من أجل تحسين الحوكمة العالمية. كما تناول الرئيس الصيني دور مجموعة العشرين في إصلاح المؤسسات الدولية وتعزيز التعاون متعدد الأطراف، مشددًا على أهمية العمل المشترك لتحقيق مستقبل أكثر عدلاً وشمولاً لجميع دول العالم.
بدأ الرئيس شي جين بينغ خطابه بالتأكيد على أن مجموعة العشرين لعبت دورًا أساسيًا في معالجة الأزمات العالمية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة كوفيد-19، وكذلك في مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ. وأوضح أن قمة مجموعة العشرين قد ساهمت بشكل كبير في الترويج للتعاون الدولي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العالم. ورغم التحديات التي قد تواجهها المجموعة في المستقبل، شدد الرئيس شي على أن مجموعة العشرين يجب أن تواصل دورها كمنصة للحوار الدولي من أجل تعزيز الحوكمة العالمية.
وأشار الرئيس شي إلى أن العالم يواجه اليوم تحديات تتطلب نهجًا جماعيًا، حيث تتداخل قضايا مثل التنمية الاقتصادية، الاستدامة البيئية، والتحول الرقمي، مما يوجب تكاتف جميع الدول من أجل بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وعدلاً. وأكد أن الدول المتقدمة والنامية يجب أن تتعاون بشكل أكبر لمواجهة هذه القضايا، وأن التحديات يجب أن تُعتبر فرصًا للتعاون وليست تهديدات. كما أشار إلى ضرورة أن يعتمد النظام الدولي على القوانين الدولية التي أرسى ميثاق الأمم المتحدة قواعدها الأساسية، مع الحفاظ على استقرار النظام العالمي والعدالة بين الدول.
وفي هذا السياق، تناول الرئيس شي جين بينغ عددًا من المجالات التي يجب أن تركز عليها مجموعة العشرين في المرحلة المقبلة. أولاً، تحدث عن أهمية تعزيز الحوكمة الاقتصادية العالمية عبر تعزيز التعاون بين الدول في مجالات السياسة المالية والنقدية. كما أكد على ضرورة تعزيز التنسيق بين الدول بشأن السياسات الاقتصادية الكبرى بهدف تحقيق نمو شامل ومستدام يعود بالفائدة على جميع الدول، خصوصًا الدول النامية. كما دعا إلى ضرورة إصلاح المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لضمان تمثيل أكبر للدول النامية في هذه المؤسسات.
كما تطرق الرئيس شي إلى أهمية تطوير الحوكمة التجارية العالمية، حيث أشار إلى ضرورة دعم الإصلاحات في منظمة التجارة العالمية لضمان أن تظل هي المنصة الرئيسية لتحقيق التجارة الحرة والعادلة. ودعا إلى مواجهة سياسات الحماية التجارية التي قد تعيق النمو العالمي، وأكد على ضرورة أن تسهم الدول في تحسين بيئة التجارة العالمية عبر ضمان شفافية القوانين والسياسات التجارية.
وفيما يتعلق بالحوكمة الرقمية، شدد الرئيس شي على أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية. وأشار إلى أن هذا المجال يحتاج إلى قواعد تنظيمية دولية واضحة تضمن استفادة جميع الدول من هذه التقنيات الحديثة، بما يحقق التنمية المستدامة ويخدم الإنسانية بشكل عام. كما أكد على أهمية أن تكون الصين، من خلال استضافتها لمؤتمر الذكاء الاصطناعي في 2024، في طليعة الدول التي تروج لهذا التعاون الدولي في مجالات التقنية الحديثة.
أما في مجال البيئة، فقد دعا الرئيس شي جين بينغ إلى تعزيز التعاون العالمي لمواجهة التحديات البيئية، وخاصة قضية تغير المناخ. وأكد على ضرورة أن تلتزم جميع الدول باتفاقية باريس للتغير المناخي وأن تتخذ خطوات عملية نحو تقليل الانبعاثات الكربونية. كما شدد على أن الدول المتقدمة يجب أن تقدم الدعم اللازم للدول النامية في مجالات التمويل والتقنيات البيئية. وأشار إلى أهمية تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية الخضراء، لضمان تحقيق تحولات بيئية مستدامة.
في الختام، أكد الرئيس شي على أن الحوكمة العالمية لا تقتصر فقط على الشؤون الاقتصادية أو البيئية، بل تشمل أيضًا القضايا الأمنية. وأشار إلى أن مجموعة العشرين يجب أن تدعم دور الأمم المتحدة في حل الأزمات الأمنية العالمية، مثل النزاع في أوكرانيا والأزمة في غزة، من خلال تشجيع الحلول السياسية والإنسانية. كما أكد على ضرورة دعم الأمن الدولي وتعزيز الاستقرار في المناطق المتأثرة بالصراعات من خلال الحوار والتعاون بين جميع الأطراف.
واختتم الرئيس شي جين بينغ خطابه بدعوة الدول الأعضاء في مجموعة العشرين إلى تجديد التزامها بتعزيز التعاون متعدد الأطراف، مؤكدًا أن هذا التعاون هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشترك من التنمية والازدهار للجميع.