أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

لماذا يصرّ نظام الكابرانات على معاكسة إرادة الشعب السوري؟

لماذا يصرّ نظام الكابرانات على معاكسة إرادة الشعب السوري؟

الدار/ تحليل

بخبث بالغ وحقد دفين يدسّ مندوب الجزائر في مجلس الأمن عمار بن جامع السمّ في العسل وهو يتحدث خلال اجتماع للمجلس الأممي حول الوضع في الشرق الأوسط. يبدأ حديثه بالتعبير عن مشاعر القلق إزاء الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية، وتوغله في أجزاء أخرى من الأراضي السورية. ثم سرعان ما يقحم في حديثه قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي كان يقترح خارطة طريق للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية من خلال الحوار بين المعارضة ونظام بشار الأسد. ويتجاوز المندوب الجزائري من خلال حديثه هذا الوقائع التي سجلتها الثورة السورية منذ 8 دجنبر الماضي، تاريخ إسقاط النظام السابق الذي جثم على نفوس السوريين لأكثر من 50 عاما.
لعبة خبيثة وقذرة سرعان ما كشفها النشطاء السوريون الذين استغربوا في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام من عودة المندوب الجزائري إلى إثارة القرار رقم 2254، على الرغم من أنه أضحى في حكم المنسوخ منذ سيطرة فصائل المعارضة السورية على البلاد، وفرار بشار الأسد وعائلته إلى روسيا. لا يوجد تفسير لإصرار عمار بن جامع على استحضار القرار المذكور غير أن نظام الكابرانات لم يتقبل بعد حقيقة انهيار نظام الحليف السوري، وأنه مستعد لبذل الغالي والنفيس من أجل مواصلة الدعم لهذا النظام حتّى بعد أن أصبح جزءا من ماضي سوريا الأليم والدامي. وكأن النظام الجزائري يحاول إعادة الاعتبار للنظام السوري المجرم الذي قتل مئات الآلاف من المدنيين، وهجّر الملايين.
لقد كان حريّاً بعمار بن جامع الذي ترأس بلاده مجلس الأمن أن يقدم الدعم الكافي للحكومة السورية الحالية التي تبحث عن السند الدبلوماسي العربي، من أجل تسهيل إجراءات رفع العقوبات الدولية، واستكمال عملية توحيد الأراضي السورية وتعبئة الموارد لإعادة الإعمار، والأهم من هذا وذاك، وضع الأسس لعدالة انتقالية ناجزة تحاسب المجرمين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة في حقّ المواطنين السوريين. لقد كان النظام الجزائري إلى جانب النظام الإيراني آخر دول العالم التي واصلت دعم نظام بشار الأسد حتّى آخر رمق. كما تلكّأ النظام الجزائري طويلا بعد رحيل بشار الأسد قبل أن يصدر بلاغا من وزارة الخارجية يعبر فيه عن دعم إرادة الشعب السوري بكثير من الامتعاض والمرارة.
ولم تكن هذه الإحالة على القرار 2254 الذي أصبح وثيقة مكروهة لدى السوريين، أول المواقف الخبيثة للنظام الجزائري، فقد أدلى وزير خارجيته أحمد عطاف قبل أيام بتصريح لا يقلّ خبثا ومكرا عندما قال: “نحن لانعترف بالحكومات، بل نعترف بالدول” في إشارة إلى عدم اقتناع بلاده بشرعية الحكومة السورية الحالية التي تقود البلاد بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها. وتدلّ هذه المواقف والتصريحات الجزائرية على أن الكابرانات مصرّون على معاكسة إرادة الشعب السوري الحرّ الذي انتزع حريته، واختار مساره الجديد بعيدا عن سيطرة الحكم البعثي المدعوم من إيران وميليشياتها الطائفية. وحده النظام العسكري في الجزائر لم يستطع أبدا استساغة هذا التغيير الجذري الذي وقع في الشرق الأوسط، وما يزال يحاول المناورة لتنغيص فرحة السوريين.
وهذا النظام الذي يدّعي اليوم رفضه تقسيم سوريا أو ضم أجزاء من أراضيها أو انتهاك سيادتها الإقليمية هو نفسه الذي يعمل ليل نهار على تقسيم بلد جار منذ أكثر من 4 عقود، ويبذل لأجل ذلك كل ما يملك من مقدّرات وموارد وضغوط سياسية ودبلوماسية. كما أنه لا يتردد اليوم في إثارة الكثير من الفتن والقلاقل في بلدان الجوار على مستوى الساحل الإفريقي، ويفتعل الأزمات مع بلدان أخرى تكافح حكوماتها من أجل توحيد أراضيها والقضاء على التنظيمات الانفصالية والإرهابية. لذا؛ يبدو كلام المندوب الجزائري في مجلس الأمن مجرد مناورة خبيثة، لن تنطلي أبدا على السوريين الذين أضحوا اليوم يفرّقون جيدا بين الصديق والعدو.

زر الذهاب إلى الأعلى