سفير الصين لي شانغلين يكتب: الصين قادرة على الإسهام بشكل إيجابي في إطلاق شبكة الجيل الخامس في المغرب
سفير الصين لي شانغلين يكتب: الصين قادرة على الإسهام بشكل إيجابي في إطلاق شبكة الجيل الخامس في المغرب

بقلم: سعادة السيد لي شانغلين، سفير جمهورية الصين الشعبية بالمملكة المغربية
يشهد العالم اليوم تحولات كبرى بفعل ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، تقودها الابتكارات في مجالات الاتصال والرقمنة، وعلى رأسها تقنية الجيل الخامس (5G)، التي باتت حجر الأساس لأي نهضة اقتصادية قائمة على المعرفة والابتكار.
في هذا السياق، تعتبر الصين من بين أبرز الدول التي استثمرت بقوة في تطوير هذه التكنولوجيا، سواء على مستوى البنية التحتية أو على صعيد الابتكار في البرمجيات والمعدات. وتمكنت شركات صينية رائدة مثل “هواوي” و”زد تي إي” من احتلال مواقع الصدارة عالمياً، من خلال تطوير تقنيات 5G بشكل مستقل، والمساهمة في وضع المعايير الدولية الخاصة بها.
اليوم، تمتلك الصين أكبر شبكة للجيل الخامس في العالم، بما يفوق 4.3 مليون محطة قاعدية، وهو ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي المحطات على مستوى الكرة الأرضية. هذا الإنجاز لم يكن فقط خطوة في سبيل التقدم التكنولوجي، بل كان أيضاً محرّكاً قوياً لنمو الاقتصاد الصيني، حيث بلغت القيمة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للجيل الخامس في الصين حوالي 20 تريليون يوان.
إن ما يميز المقاربة الصينية هو الإيمان العميق بأن التكنولوجيا ينبغي أن تخدم البشرية جمعاء، لا أن تكون حكراً على فئة معينة من الدول أو الشركات. من هذا المنطلق، نسعى إلى تقاسم خبراتنا مع شركائنا الدوليين، ونعمل على جعل تقنيات الجيل الخامس في متناول الجميع، خصوصاً البلدان النامية. وتوفر الشركات الصينية حلولاً ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية تقل بنسبة تصل إلى 30% عن المعدلات السائدة في الأسواق العالمية.
من جانب آخر، تولي الصين أهمية كبرى لأمن البيانات وحماية الخصوصية. وقد أطلقت عدداً من المبادرات الدولية لتعزيز التعاون في مجال أمن المعلومات، على أساس الشفافية، والاحترام المتبادل للقوانين الوطنية لكل دولة. كما أن الشركات الصينية، وفي مقدمتها “هواوي”، تلتزم بشكل واضح بعدم اللجوء إلى “الأبواب الخلفية” أو أي ممارسات تخرق خصوصية المستخدمين، بل تخضع لرقابة مستقلة من أطراف ثالثة، وتُعد من أوائل الشركات التي وقّعت اتفاقيات تؤكد هذا الالتزام.
في هذا السياق، نتابع باهتمام كبير الطموح المغربي في التحول الرقمي، كما نعبر عن تقديرنا لاستراتيجية “المغرب الرقمي 2030” التي تسعى إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز تكنولوجي إقليمي. ونتطلع إلى مواكبة هذا المسار الطموح، خصوصاً مع اقتراب موعد إطلاق شبكة الجيل الخامس في نوفمبر 2025، وهو موعد يتزامن مع تحضيرات المملكة لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030.
تسعى الشركات الصينية إلى تعزيز تعاونها مع نظيراتها المغربية في مجالات متعددة، تشمل تطوير البنية التحتية الرقمية، واستثمار الذكاء الاصطناعي، وتكوين الكفاءات البشرية، بما يعود بالنفع على الشعب المغربي ويخدم مصالحنا المشتركة.
إننا نؤمن أن الشراكة الصينية–المغربية في المجال الرقمي تمثل نموذجاً للتعاون جنوب–جنوب، وتُجسّد رؤية مشتركة لمستقبل يتسم بالحداثة والابتكار والانفتاح على فرص جديدة في عالم سريع التغير.