الحرب في كاشمير: من المستفيد الأول؟
الحرب في كاشمير: من المستفيد الأول؟

بقلم: ياسين المصلوحي
في حلقة أخرى من حلقات الصراع بين الهند وباكستان على مستوى إقليم كاشمير الحدودي انتقل هذا الصراع إلى مستوى أخر بعدما قامت الهند بشن غارات جوية داخل دولة باكستان مخلفة عددا من القتلى والجرحى بذريعة أن بعض منفذي عملية إرهابية داخل التراب الهندي من جنسية باكستانية وتمت ملاحقتهم من قبل القوات الهندية، كما أن رد باكستان لم يتأخر حيث شنت بدورها هجمات جوية على أهداف داخل التراب الهندي كما أن مواجهة جوية عنيفة بين سلاح الطيران للبدين انتهت بإسقاط سلاح جو باكستان لتسع طائرات هندية داخل المجال الجوي الهندي دون تمكن الدفاعات الأرضية ولا الجوية الهندية من إسقاط أي طائرة باكستانية رغم التفوق الكبير من حيث العدد والعدة العسكرية الهندية.
يعتبر النزاع حول إقليم كاشمير من بين أقدم النزاعات الحدودية في العالم بين دولتين نوويتين عظيمتين، ومن شأنه أن يشكل تهديدا عالميا على عدة أصعدة سياسية واقتصادية وتجارية وعسكرية لما تتوفر عليه الدولتان من إمكانيات وقدرات مهمة في الميزان العالمي.
ورغم تصريحات الجهات الرسمية الامريكية أن لا شأن لها بالحرب الهندية الباكستانية بعدما قال ترامب أنه من حق الهند حماية نفسها ضد الإرهاب على اعتبار أن تعرض الهند لعملية إرهابية من خلية يشارك فيها عنصرين باكستانيين، إلا أن تصريحات بعض المسؤولين الهندين قالوا إن تحركاتهم العسكرية تكون بتشاور مع نظرائهم الامريكان. كما أنه لا يمكن نفي الاستفادة الكبرى التي قد تستفيد منها أمريكا من خلال هذه الحرب خصوصا في تأثيرها على الصين التي توجد في ظهر دولة الهند، وما يرافق ذلك من اضطرابات وإعلان حالة طوارئ لديها خصوصا وأن العلاقة بين الجارتين ليست على ما يرام بالكامل.
فإذا طال أمد الحرب أو إذا استطاعت الهند حيازة إقليم كاشمير بالكامل لسيادتها فإن ذلك سيشكل عقبة أمام خطة الصين في تأمين خط الحرير الجديد وهو خط تجاري يمكنها من فتح نافذة على العالم خصوصا الغربي يقرب من المسافات للمرور إلى بحر العرب ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس. إلا أن تفوق الهند الحليف للولايات المتحدة الامريكية يمكن أن يجعل مرورها من هذا الخط ممنوعا أو خاضعا لرسوم تجارية قياسية.
وبالنظر للعلاقة الطيبة بين الصين وباكستان فإن التنين الصيني سيجد نفسه مجبرا على تقديم مساعدات مادية وعتادية لباكستان من أجل دعمها في هذه الحرب ومحاولة منعها من السيطرة على إقليم كاشمير وهو ما سيثقل كاهل الصين ويدخلها في حرب بالوكالة كانت في غنى عنها مثلما وقع تماما مع أمريكا في دعمها لأوكرانيا في حربها مع روسيا حيث تورط في الدعم المالي والعسكري وأدى ذلك إلى إضعاف الولايات المتحدة الامريكية.
يرى بعض المحللين أن هذا النزاع هو في مصلحة أمريكا كثيرا حيث أنه سيخفض من الضغط عليها ويوجه أعين المتتبعين إلى بؤرة عسكرية وسياسية جديدة كما أنه كيفما كانت النتيجة فستكون هناك قوة نووية عسكرية تم إضعافها سواء تعلق الأمر بالهند أو باكستان اللتين تشكلان منافسا لها على كافة الأصعدة.
لقد أصبح العالم في حرب عالمية جديدة لكن هذه المرة في نظام الوكالة حيث أصبحت الدول العظمى تخوض الحروب بعيدا عن أراضيها ومن غير جنودها دون تكبد أي خسائر، والأمثلة هنا عديدة بين حرب اليمن والحرب الروسية الأوكرانية والنزاع الإيراني الأمريكي الإسرائيلي داخل دول الشرق الأوسط.