أخبار الدارسلايدر

القانون رقم 22.16 المتعلق بتنظيم المواد المتفجرة ذات الاستعمال المدني والشهب الاصطناعية الترفيهية والمعدات التي تحتوي على مواد نارية بيروتقنية، في ضوء التحديات الإجتماعية والأمنية

بقلم: ذ/الحسين بكار السباعي

يعد القانون رقم 22.16، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 5 يوليوز 2018، محطة تشريعية مفصلية في منظومة الأمن القانوني للمملكة، حيث جاء ليسد ثغرات كثيرة في الإطار القانوني المنظم لمجال المواد المتفجرة ذات الإستعمال المدني والشهب الإصطناعية والمعدات الحاوية على مواد نارية بيروتقنية، بعد أن ظل هذا المجال مؤطرا بنصوص تنظيمية وتشريعية تعود إلى بدايات القرن الماضي، ما بين سنتي 1914 و1954، وهي نصوص باتت متجاوزة وغير قادرة على مواكبة تحولات المجتمع وتطوراته الإقتصادية، ناهيك عن السياق الأمني الوطني والدولي الذي يفرض يقضة وتدخل إستباقي لمواجهة وتحييد الخطر الإرهابي ، ومن تشديد للرقابة وتعزيز لآليات الضبط والزجر والإحتراز.

لقد سعى المشرع المغربي من خلال هذا القانون إلى وضع إطار تشريعي متكامل يوازن بين ضرورة إستعمال المواد المتفجرة لأغراض مشروعة ومراقبة إستخدامها بشكل صارم، بالنظر إلى ما تطرحه من مخاطر جسيمة على الأرواح والممتلكات والنظام العام ، سواء في مراحل تصنيعها أو نقلها أو تخزينها أو إستعمالها. ومن أجل ضمان هذا التوازن جاء القانون محملا بمقتضيات دقيقة، زجرية وتنظيمية، تعكس حجم الرهانات الأمنية والإجتماعية المرتبطة بهذه المواد.
وفي هذا الإطار نشير إلى مقتضيات الباب الرابع عشر من القانون 22.16 ، وخصوصا في المواد من 54 إلى 57 على عقوبات جنائية صارمة، تتمثل في الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح بين خمسين ألف وخمسمائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من يحوز دون سند قانوني مواد أولية أو متفجرات أو شهب اصطناعية ترفيهية أو معدات بيروتقنية، ولكل من يقوم بصناعتها بشكل غير مشروع، مع الأمر بمصادرة هذه المواد وإتلافها. وهي عقوبات تعكس رغبة المشرع في تجريم كافة أشكال التداول غير المشروع لهذه المواد الخطرة، والقطع مع مظاهر التسيب التي قد تفتح المجال أمام استغلالها في أعمال تخل بالأمن العام.
أما الباب الثالث عشر، فقد خصص للعقوبات الإدارية، لا سيما ما يتعلق بالإغلاق المؤقت أو النهائي للمصانع والمستودعات التي تتقاعس عن احترام شروط السلامة والضوابط التنظيمية المقررة قانونا، وهو ما يدل على إنخراط النص في تكريس ثقافة الوقاية والإحتراز إلى جانب الردع والزجر.
غير أن هذا القانون، وعلى الرغم من صدوره في سنة 2018، ظل رهينا بعدم تفعيل عدد من نصوصه، بسبب تأخر صدور المراسيم التطبيقية اللازمة لتنزيله على أرض الواقع. ولم يتم تجاوز هذا التعثر إلا في 21 يوليوز 2022، حين صادق مجلس الحكومة على مرسومين تنظيميين هامينن ، المرسوم رقم 2/22/490، الذي نص على كيفيات تصنيف المواد المتفجرة والشهب الإصطناعية والمعدات البيروتقنية، وعلى ضوابط إعتمادها وتعريف مناطق الخطر وتحديد إمتدادها، كما تناول المساطر الخاصة بإستيرادها وتصديرها وبيعها وشرائها وإستعمالها، وكذا الشروط المتعلقة بإستعمال مادة البارود لأغراض احتفالية. أما المرسوم الثاني، رقم 2/22/491 ، فقد تناول كيفيات الترخيص بإنشاء وإستغلال المستودعات والمصانع، وتحديد الإجراءات المتعلقة بإيقاف النشاط وتفويت الملكية، وتحديد أنظمة الحراسة والسلامة التي يتعين إحترامها.

ورغم هذا الإطار التشريعي والتنظيمي المحكم، فإن الواقع الميداني يفضح استمرار مظاهر الإنفلات، حيث تشهد العديد من الأحياء المغربية، خاصة خلال المناسبات الدينية والمواسم، إستعمالا عشوائيا لمواد متفجرة ومفرقعات مهربة، غالبا ما تباع للقاصرين والمراهقين، وتستعمل في إحداث إضطرابات خطيرة تمس بالأمن والنظام العام، وتخلف أضرارا مادية وجسمانية، وتستهدف أحيانا رجال الأمن والقوات العمومية الذين يضطلعون بواجب حماية المواطنين وتطبيق القانون.
إن استفحال هذه الظاهرة، وإستمرار تسويق هذه المواد في السوق السوداء دون رادع، يستوجب تفعيل مقتضيات القانون 22.16 دون تردد أو تهاون أو تراخ ، وتعزيز الإجراءات الأمنية على المعابر الحدودية ومداخل المدن، والتصدي بكل حزم لشبكات التهريب التي تغذي هذا السوق المحظور، مع ضرورة تشديد العقوبات على من يروج هذه المواد في أوساط القاصرين، لما في ذلك من تهديد صريح لأمنهم وسلامة غيرهم، ومن إنتهاك سافر للضوابط القانونية والأخلاقية.
كما تقتضي المرحلة تعزيز المقاربة التوعوية والتحسيسية، الموجهة نحو الأسرة والمؤسسات التربوية،والإعلام ، بما يضمن خلق وعي جماعي بخطورة هذه الممارسات، التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى مصدر قلق دائم لشرائح واسعة من المواطنين، وإلى تحدّ حقيقي للأمن العمومي.

ختاما ، إن تفعيل القانون 22.16 لا يمكن أن يكون إلا في إطار مقاربة شمولية، تتضافر فيها جهود السلطات الأمنية وإدارة الجمارك، والجماعات الترابية، والمجتمع المدني،والإعلام ، وكل الفاعلين المعنيين لضمان إحترام القانون، وحماية الأرواح والممتلكات، وصون النظام العام من عبث شبكات الإيجار غير المشروع بالمفرقعات والمتفجرات. فالقانون وحده لا يكفي إذا لم يصاحبه وعي مجتمعي وصرامة في التطبيق.

ذ/الحسين بكار السباعي
محام مقبول لدى محكمة النقض
باحث في الهجرة وحقوق الإنسان

زر الذهاب إلى الأعلى