
الدار/ سارة الوكيلي
فقدت المملكة العربية السعودية اليوم الثلاثاء واحداً من أبرز رموزها الدينية والعلمية، بوفاة المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي كرّس حياته للعلم الشرعي والإفتاء وخدمة الإسلام والمسلمين.
وقد خيّم الحزن على الأوساط الدينية والعلمية في المملكة وخارجها، حيث نعاه العلماء وطلبة العلم داعين الله أن يتغمده برحمته الواسعة ويجعله في جنات النعيم، مثمنين ما قدّمه من جهود مؤثرة في مجالات الفتوى والتعليم والدعوة.
وُلد الشيخ الراحل في مكة المكرمة عام 1943، ونشأ يتيماً بعد وفاة والده في طفولته المبكرة، فحفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، قبل أن يفقد بصره في العشرينات من عمره. ورغم ذلك، واصل طلب العلم على يد كبار علماء المملكة، وفي مقدمتهم المفتي الأسبق محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبدالعزيز بن باز الذي تتلمذ على يديه في علم الفرائض.
تدرج الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في مسيرته العلمية والأكاديمية، فبدأ مدرّساً في معهد إمام الدعوة بالرياض عام 1965، ثم أستاذاً في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما شارك في التدريس بالمعهد العالي للقضاء، وكان عضواً في عدد من المجالس العلمية بالجامعات السعودية.
وعُرف بخطابته المؤثرة، حيث تولى الإمامة والخطابة في عدة مساجد بارزة بالعاصمة، من بينها جامع الإمام تركي بن عبدالله “الجامع الكبير”، كما كان أحد أبرز خطباء مسجد نمرة بعرفة منذ عام 1982، مشاركاً في إرشاد الحجاج في أهم المواقف الدينية.
في عام 1995 صدر أمر ملكي بتعيينه نائباً للمفتي العام، ثم خلف الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتياً عاماً للمملكة ورئيساً لهيئة كبار العلماء عام 1999، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى وفاته، حيث واصل من خلاله إصدار الفتاوى ومتابعة شؤون الدعوة والتعليم الشرعي، إلى جانب الإشراف على اللجنة الدائمة للإفتاء.
ترك الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إرثاً علمياً واسعاً من المؤلفات والفتاوى في العقيدة وأحكام العبادات والمعاملات، كما عُرف بمشاركته المستمرة في المحاضرات والبرامج الدينية التي كان لها أثر كبير في نشر العلم الشرعي وتعزيز الوعي الديني في المجتمع.
برحيل المفتي العام، تطوي المملكة صفحة عالم جليل وأحد أعمدة مؤسساتها الدينية، تاركاً وراءه سيرة مليئة بالعلم والعطاء، ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال ومرجعاً للدارسين وطلبة العلم.