المخابرات الجزائرية وفضيحة قرصنة “GenZ212”: حرب قذرة عبر الفضاء الرقمي

الدار/ غيثة حفياني
تكشف حادثة الاستيلاء على صفحة “GenZ212” أن المخابرات الجزائرية لا تتوقف عن البحث عن منافذ لاختراق الفضاء الرقمي المغربي. هذه الواقعة ليست معزولة عن سياق ممتد لسنوات، بل هي استمرار لنهج ممنهج يقوم على استغلال أي حراك اجتماعي أو احتجاج شعبي بالمغرب لإقحام روايات دعائية مشبوهة هدفها ضرب الاستقرار الداخلي وتشويه صورة المؤسسات.
منذ اندلاع حراك الريف سنة 2016، برزت مئات الحسابات والصفحات المجهولة التي تبين لاحقاً ارتباطها بماكينات إعلامية جزائرية. هذه الحسابات روّجت مضامين مفبركة وصوراً مشوهة، وحاولت تقديم الحراك كتمرد انفصالي، في محاولة لدق إسفين بين الدولة والمجتمع. السيناريو نفسه تكرر مع احتجاجات جرادة 2018، حيث ظهرت قنوات “يوتيوب” وصفحات فايسبوك تروج لأخبار غير دقيقة وتضخم الأحداث، قبل أن يتضح أنها تُدار من خارج المغرب، وخصوصاً من الأراضي الجزائرية.
وفي سنة 2020، مع انتشار جائحة كورونا، حاولت جيوش إلكترونية مرتبطة بالنظام الجزائري استغلال الأزمة الصحية لنشر الشائعات حول فشل المغرب في مواجهة الوباء، بينما كان الواقع يكشف العكس تماماً، إذ حصل المغرب على إشادة دولية بعد نجاحه في حملة التلقيح السريعة على مستوى القارة.
اليوم، تعود نفس الممارسات بأسلوب أكثر خبثاً مع “GenZ212”، حيث لجأت المخابرات الجزائرية إلى الاستيلاء المباشر على صفحات اجتماعية بدلاً من الاكتفاء بخلق واجهات وهمية. وبعدما اعترف مسؤولو الصفحة أنفسهم بالاختراق والترويج لقناة “تلغرام” مشبوهة، سرعان ما ظهرت البصمة الجزائرية واضحة من خلال نوعية المحتوى الذي رُوِّج: ادعاءات باطلة عن العائلة الملكية، وفبركات حول أوضاع المغرب، في محاولة لاستفزاز الرأي العام.
هذه التكتيكات ليست مجرد عبث إلكتروني، بل تدخل ضمن حرب دعائية ممنهجة تعكس مأزق النظام الجزائري داخلياً. فبدلاً من مواجهة الأزمات الحقيقية مثل البطالة المستفحلة، الانهيار الاقتصادي، وانعدام الثقة الشعبية، يختار النظام تحويل الأنظار نحو “العدو الخارجي”، أي المغرب، عبر صناعة أزمات وهمية في الفضاء الرقمي.
لكن المفارقة الكبرى أن هذه الحملات كثيراً ما تنقلب على أصحابها، إذ لم تعد تخدع المتلقي المغربي الذي راكم خبرة في تمييز الأخبار المفبركة، بل تكشف هشاشة النظام الجزائري نفسه، الذي بات سجله في القمع وتزوير الحقائق معروفاً لدى الداخل والخارج.
إن فضيحة “GenZ212” ليست مجرد حادث عرضي، بل دليل إضافي على أن النظام الجزائري يشن حرباً قذرة على المغرب، حرباً فقدت مصداقيتها وأصبحت عنواناً لليأس. فبينما يواصل المغرب توطيد حضوره الإقليمي والدولي بمبادرات تنموية واستراتيجية، لا يجد النظام الجزائري سوى التشويش عبر العالم الافتراضي، في معركة محسومة سلفاً لصالح الحقيقة والوعي.