المواطن

حين يشير الحكيم إلى القمر.. ينظر الحمقى إلى “الشورْت”..!

الدار/ نعيمة أخزان

"عندما يشير الحكيم إلى القمر.. ينظر الحمقى إلى أصبعه".. هذه حكمة قديمة، يعتقد البعض أنها تحمل في طياتها مبالغة، لكن دعونا نرى ما حدث أخيرا في منطقة تارودانت في المغرب، في أجلى ترجمة للحكيم والحمقى.

جاءت عشر فتيات بلجيكيات يافعات إلى المغرب، ليس من أجل السياحة، بل من أجل إنجاز أعمال تطوعية تعودن على القيام بها في مناطق أخرى من العالم، لكنهن وجدن أنفسهن هذه المرة في قلب جدال أحمق.. فحين كن يعبدن الطريق لتمر سيارات الإسعاف إلى منطقة معزولة، كان الحمقى ينظرون إلى لباسهن!

في المنطقة التي توجد فيها الفتيات البلجيكيات قد تناهز الحرارة الخمسين درجة، وهذا لم يثبط عزيمتهن في إنجاز ما قمن من أجله، حتى لو كان عملا رمزيا، لكنه عمل يحمل في طياته رسائل كثيرة لأولئك الحمقى المشغولين بالسراويل القصيرة، بينما نساؤهم المبرقعات يجلسن في غرف مكيفة أمام شاشة التلفاز ليشاهدن آخر المسلسلات.

أن تلبس فتاة أوربية "الشورت" فهذا ليس حدثا في بلادها، وأن تلبسه في المغرب فهذا ليس بدوره حدثا، لكن الحدث هو أن يشاهدها المكبوتون سياسيا واجتماعيا وجنسيا، فيحولون "الشورت" إلى قضية "أمن دولة"، بل ويدعو أحدهم إلى التنكيل بهن، في حمق غير مسبوق.

أحد المعلمين في القصر الكبير كان تحريضه واضحا ضد الفتيات، وأكيد أنه أمضى ما يكفي من الوقت في تأمل لباس فتيات بريئات لم تكن تعتقدن أن المغرب، المعروف بانفتاحه وتميزه، قد يوجد فيه من يحرض ضدهن لمجرد لباس يعتبر في أوربا، وحتى في المغرب، لباسا عاديا جدا.

لكن المأساة حصلت حين انبرى نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية، لكي "يجاهد في سبيل الله" ويعتبر لباس الفتيات البلجيكيات فتنة، وبطبيعة الحال فإننا لم نسمع "حسا ولا خبرا" لهذا النائب المحترم في قضية "ماء العينين والمطحنة الحمراء في باريس"، ولا في حادث "الكوبل الحكومي"، ولا في سفر "الكوبل البرلماني إلى فرنسا"، ولا في كوبل الإصلاح والتوحيد على الشاطئ، ولا في قناني واغادوغو.. ولا في أشياء كثيرة تحدث في حزبه "النقي أكثر من اللازم"، هو رأى، فقط، لباس فتيات أصغر من أصغر بناته يحاولن تعبيد طريق في قرية نائية، ولا يرقصن "الستريبتيز" في الشارع العام قرب المطحنة الحمراء في باريس.

أكيد عندما يكون لدينا نواب برلمانيون بهذا الشكل فمن حقنا أن نضع أيدينا على قلوبنا ونتساءل: أي مستقبل يخفيه لنا القدر لو وصل هؤلاء يوما إلى ما يطمحون إليه..؟

يكفي أن نجيب بعبارة: يا إلهي..!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى