جلسة تاريخية لمجلس النواب الأميركي للتصويت على إحالة ترامب للمحاكمة
بدأ مجلس النواب الأميركي الأربعاء جلسة تاريخية للتصويت على إحالة الرئيس دونالد ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ مما سيجعله، إذا ما وافق النواب على توجيه القرار الاتّهامي إليه، ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يطلق الكونغرس بحقّه إجراءً رسمياً لعزله.
ويتوقّع أن تستمر المناقشات حتى ساعات المساء في المجلس الذي يهيمن عليه الديموقراطيون بأغلبية 233 نائباً ديموقراطياً مقابل 197 جمهورياً، على ان تنتهي بإقرار اتّهامين ضدّ الرئيس الجمهوري هما استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.
وصرّحت الرئيسة الديموقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي عند بدء النقاش "من المأسويّ أن تصرفات الرئيس الطائشة جعلت من الضروري البدء بإجراءات العزل"، مضيفة "ما نناقشه اليوم هو الحقيقة الراسخة بأنّ الرئيس انتهك الدستور. ومن المؤكد كحقيقة أنّ الرئيس يمثل تهديدا مستمراً لأمننا القومي ونزاهة انتخاباتنا".
ونفى المشرّع الجمهوري داغ كولينز ذلك وقال "الرئيس لم يرتكب خطأ".
وأضاف ان الديموقراطيين "قالوا لأنفسهم، إذا لم نستطع هزيمته (في الانتخابات) فدعونا نحاكمه لعزله .. الأميركيون سيرون ذلك بوضوح".
أما ديبي ليسكو الجمهورية من اريزونا، فقالت ان ترامب يتعرض "لعملية هي الأكثر ظلما وتحيزا سياسيا شاهدتها في حياتي".
وأضافت "لا يوجد أي دليل على أن الرئيس ارتكب مخالفة توجب العزل .. هذه عملية عزل هي الأكثر حزبية في تاريخ الولايات المتحدة".
من ناحيته قال النائب الديموقراطي آدم شيف، الذي أشرف على التحقيق، إنّ الملياردير الجمهوري "كان مستعداً للتضحية بأمننا القومي (…) في سبيل تعزيز فرصه في إعادة انتخابه".
وأضاف من على منبر مجلس النواب "لقد حاول أن يغشّ وافتضح أمره"، مؤكّداً أنّ "الخطر ما زال قائماً".
وقبل ساعات من بدء الجلسة أصرّ الرئيس الأميركي على أنه لم يرتكب "أي خطأ"، وذلك غداة توجيهه رسالة إلى بيلوسي شبّه فيها الإجراءات بـ"محاولة انقلاب".
وقال الرئيس على تويتر "هل يمكنكم تصديق أنه سيتم إطلاق إجراءات عزلي اليوم من قبل اليسار الراديكالي، (من قبل) الديموقراطيين الذين لا يقومون بشيء، بينما لم أرتكب أي خطأ! إنه أمر فظيع".
وكتب ترامب "يجب ألا يحصل هذا الأمر مع أي رئيس آخر".
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام لفرانس برس ان ترامب "سيعمل طوال اليوم".
وقالت "سيقوم الموظفون بإطلاعه على الوضع طوال اليوم ويمكن أن يشاهد بعض المناقشات قبل الاجتماعات".
وفي رسالة استثنائية من ست صفحات، قال ترامب مخاطبًا رئيسة مجلس النواب إن "التاريخ سيحكم عليك بشكل قاس".
وجاءت الرسالة بعد دقائق فقط من إعلان بيلوسي أنّ المجلس سيصوّت الأربعاء على إحالة ترامب للمحاكمة.
وقالت بيلوسي في رسالة إلى أعضاء الكونغرس الديموقراطيين "مجلس النواب سيمارس إحدى الصلاحيات الأكثر أهمية التي كفلها لنا الدستور عندما سنصوّت لإقرار مادتي العزل ضد رئيس الولايات المتحدة".
وأضافت "في هذه اللحظة التي تعمها الصلوات في تاريخ أمّتنا، علينا احترام قسمنا بدعم وحماية دستورنا من جميع الأعداء في الخارج والداخل".
وترامب متّهم بمحاولة الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق بشأن خصمه الرئيسي في انتخابات 2020 جو بايدن.
وهو متّهم كذلك بعرقلة الكونغرس عبر رفضه التعاون مع التحقيق الرامي لعزله، إذ منع موظفين من الإدلاء بشهاداتهم ورفض تقديم وثائق كأدلة.
ولا شك في أن مجلس النواب، الذي يشكّل الديموقراطيون غالبية أعضائه، سيقرّ التهمتين اللتين تعرفان بـ"مادّتي عزل".
ومن المتوقّع أن تصوّت الأكثرية الديموقراطية بأسرها لصالح القرار الاتهامي والأقليّة الجمهورية بأسرها ضدّه، باستثناء نائبين من هذا المعسكر أو ذاك قد يصوّتان خلافاً لتوجّهات حزبهما.
وبمجرّد إقرار القرار الاتهامي ستحال القضية على مجلس الشيوخ حيث من المفترض أن تبدأ محاكمة ترامب في كانون الثاني/يناير. وهنا، يتوقّع أن تتم تبرئته نظراً لهيمنة الجمهوريين على هذا المجلس بأغلبية 53 سناتوراً مقابل 47.
ورغم هذه النتيجة المرجّحة، صبّ ترامب كامل غضبه في الرسالة التي وجّهها إلى بيلوسي، إذ لم يتوان عن الدفاع عن سجلّه ومهاجمة الديموقراطيين.
وفي الرسالة، اتّهم ترامب السياسية الديموقراطية المخضرمة بـ"خرق ولائها للدستور" وإعلان "حرب مفتوحة ضد الديموقراطية الأميركية".
وكرّر إصراره على أن القضية ضدّه "خدعة" و"ظلم جسيم"، مشدداً على أن الديموقراطيين مدفوعون لعزله بفعل "ممثليكم (في الكونغرس) المضطربين والراديكاليين من اليسار المتطرف".
وفي رد فعلها على الرسالة، وصفتها بيلوسي بأنها "مريضة حقًا".
وفيما تجري الجلسة، سيتوجّه ترامب إلى باتل كريك، المدينة الواقعة في ولاية ميشيغان غير المحسوبة على أي من الحزبين من أجل تجمّع انتخابي يعقد مساء الأربعاء.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر علّق فيها على مقتطف تلفزيوني لمواقف مؤيّدة له أدلى بها جموع من أنصاره من الذين حضروا باكراً للمشاركة في التجمّع "شكرا لك ميشيغان. أنا في طريقي إليك. أراكم جميعاً قريباً!".
وقالت إحدى مؤيّدات ترامب وتدعى ويندي تيمرمان "هناك رجل بريء يحاكم على كمّ من الهراء"، في حين قال مؤيد آخر يدعى جو بونتراغر "ليس لديّ أدنى شك: هذه عملية احتيال!".
والاستقطاب الحادّ بين الحزبين في مجلس النواب انعكس في استطلاعات الرأي التي جرت أخيراً.
وقال 50 بالمئة ممن شملهم استطلاع للرأي أجرته شبكة "فوكس نيوز" إنّهم يؤيّدون عزل ترامب من منصبه، في حين أبدى 41 في المئة رفضهم لعزله.
وفي استطلاع آخر أجرته شبكة "سي إن إن" قال 45 في المئة ممن شاركوا فيه إنّهم يؤيّدون عزل الرئيس بينما قال 47 في المئة إنهم يرفضون ذلك.
وفي مجلس النواب يخاطر بعض النواب الديموقراطيين ممّن يمثّلون مناطق محافظة بخسارة الانتخابات العام المقبل إذا ما صوّتوا لصالح عزل الرئيس، لكنّهم مع ذلك قرّروا الاصطفاف خلف حزبهم في التصويت.
وقالت النائبة ميكي شيريل التي تمثّل منطقة تميل لتأييد ترامب في نيو جيرسي "علّمتني خدمتي في الجيش أن أضع بلدنا — لا السياسة — أولاً. وعلمتني الفترة التي قضيتها كمدع فدرالي أهمية حكم القانون والعدالة".
وأضافت "سأصوّت لصالح مادتي العزل".
وقال ديموقراطي آخر من دائرة انتخابية محافظة في نيويورك هو أنتوني برينديسي "أعرف أن البعض سيغضبون من قراري، لكنني انتُخبت لأقوم بما هو صحيح لا ما هو آمن سياسياً".
وسجّلت تظاهرات مؤيّدة لعزل ترامب في عدة مدن بينها نيويورك وبوسطن ونيو أورلينز ولوس أنجليس.
ورفع المتظاهرون لافتات حملت شعارات موجهة للكونغرس على غرار "تخلصوا من ترامب" و"احموا ديموقراطيتنا".
وتمنت إحدى اللافتات لباقي المتظاهرين "عزلاً سعيداً" في إشارة إلى اقتراب عطلة عيد الميلاد.
المصدر: الدار ـ أ ف ب