استقالة المكلف باصلاح أنظمة التقاعد في فرنسا وتخوّف من مواصلة الإضرابات خلال الأعياد
استقال الإثنين مهندس مشروع تعديل أنظمة التقاعد في فرنسا جان بول دولوفوا اثر شبهات بتضارب المصالح، ما يشكل ضربة قاسية للحكومة التي تريد تجنّب مواصلة الإضرابات خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة.
وفي اليوم الثاني عشر من النزاع الذي يشل على نطاق واسع قطاع النقل، قدّم المفوّض الأعلى لأنظمة التقاعد في فرنسا استقالته إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قبلها "مع الأسف".
وكان قد أصبح متعذّرا على دولوفوا البقاء في منصبه بعدما تبيّن أنه أغفل التصريح عن توليه مناصب أخرى بموازاة رئاسة المفوضية العليا لأنظمة التقاعد، ما عزز الشبهات بحصول تضارب في المصالح.
وتشكل هذه الاستقالة، وهي الثانية عشرة لمسؤول حكومي رفيع منذ تولي ماكرون الرئاسة في أيار/مايو 2017، ضربة قاسية للحكومة التي تسعى جاهدة لإيجاد مخرج للأزمة وتبدي قلقها ازاء احتمال استمرار الإضرابات خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة.
وتأتي الاستقالة عشية يوم تعبئة يريده معارضو تعديل أنظمة التقاعد حاسما، وسط نداءات للإضراب والتظاهر أطلقتها النقابات العمالية، ولا سيّما "الكونفدرالية الديموقراطية الفرنسية للعمل" (سي اف دي تيه).
والإثنين شهد قطاع النقل والسكك الحديد في باريس والمدن الفرنسية اضطرابات كبيرة.
وصباح الإثنين، قبيل الساعة الثامنة كانت ازدحامات للمرور بطول أكثر من 620 كيلومترا (مقابل 200 إلى 350 كيلومترا عادة) في منطقة العاصمة.
وساد التشنّج صباحا في باريس حيث سجّلت حوادث حول أحقية المرور بين مستخدمي الدراجات الهوائية والمارة والسائقين وسط تساقط الأمطار بغزارة.
وفي مواجهة احتمال مواصلة الإضراب خلال فترة الأعياد، تصاعد السجال بين الحكومة والنقابات.
وقال أمين عام الكونفدرالية الديموقراطية الفرنسية للعمل لوران بيرجيه إن "الحكومة ترتكب خطأ فادحا في موضوع العدالة الاجتماعية كما وخطأ سياسيا إذا قرّرت التعنّت".
ورغم تأييدها إصلاح أنظمة التقاعد، تعتبر هذه النقابة أن الحكومة تخطّت الخط الأحمر بتحديدها سن التوازن عند 64 عاما.
وهذا الأمر يتيح لأي شخص التقاعد في سن الثانية والستين لكنه يقلّص راتبه التقاعدي، بينما يستفيد الذين ينسحبون بعد هذا السن من زيادة.
ودعا بيرجيه قطاعات النقل إلى تعليق الإضرابات في فترة عيد الميلاد.
إلا أن أمين عام الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) فيليب مارتينيز أكد ان التحركات ستستمر ما لم يتم سحب مشروع تعديل أنظمة التقاعد.
وقالت وزيرة البيئة إليزابيث بورن لقناة "فرانس 2" إن "الإضراب حق مشروع، لكن يمكن احترام أوقات مثل أعياد نهاية العام التي يريد الجميع فيها العودة إلى عائلاتهم"، معتبرة أن "إفساد عطلة الفرنسيين" أمر "غير مسؤول".
من جهتها، اتّهمت المعارضة الشيوعية واليسار الراديكالي الحكومة بممارسة "الابتزاز" واتخاذ "الخيار السيئ".
والإثنين قطع سائقون طرقا وتعمّدوا إبطاء حركة السير في عدد من المدن للمطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الرواتب.
وقررت جامعات عدة إرجاء مواعيد الامتحانات بسبب الاضطرابات في حركة السير وقطاع النقل والمواصلات.
وعا رئيس الوزراء إدوارد فيليب النقابات وهيئات أصحاب العمل إلى "اجتماعات عمل" منفصلة بعد ظهر الأربعاء لمناقشة الإصلاح المقترح، على ان يلي ذلك اجتماعا مشتركا الخميس.
كما عرض الالتقاء الخميس برؤساء شركات النقل العام.
وأطلقت دعوات إلى عمال سكك الحديد والمعلّمين والموظفين والمحامين والقضاة والأطباء والممرضين للتظاهر الثلاثاء.
وسيشكل مدى التجاوب مع هذا التحرّك الذي دعت إليه مختلف النقابات مؤشرا مهما للحكومة قبل استئناف المفاوضات التي لم يُحسم أمرها.
ويريد ماكرون تحويل 42 نظاما للتقاعد إلى نظام شامل يقوم على النقاط مع مقياس للعمر، هدفه التوفير لضمان التوازن المالي للنظام.
ويهدف تحديد السن التوازنية عند 64 عاما إلى الحفاظ على توازن النظام، مع إتاحة خيار التقاعد قبل عامين أو بعد السن المحدد.
إلا أن استطلاعا أجراه مركز "إيلاب" الإثنين أظهر تزايد ثقة الفرنسيين برئيس الجمهورية بمقدار نقطتين مئويتين وبرئيس الحكومة بمقدار أربع نقاط مقارنة بالشهر الفائت.
المصدر: الدار ـ أ ف ب