دراسة للجهاز العصبي لمغاربة اسبانيا تكشف استعدادهم لـ”القتال” من أجل “المقدس”
الدار / المحجوب داسع
كشفت اختبارات مسحية لدماغ عدد من الشباب الاسبان المنحدرين من أصل مغربي، هي الأولى من نوعها، في اطار دراسة حول "التطرف العنيف"، أشرف عليها مجموعة من الباحثين في جامعة برشلونة، أن "التطرف العنيف في حالة الجماعات الاسلامية قد يكون مرتبطا بالإقصاء الاجتماعي"، كما أن العديد من الشباب الاسبان من أصل مغربي مستعدين للانضمام الى الجماعات الارهابية للقتال في اطار مايسمونه "جهادا".
وفي هذا الصدد، أبدى شاب اسباني من أصل مغربي، يبلغ من العمر 20 عامًا، ويدعى ياسين، والذي أجري فحص لجهازه العصب، استعداده الانخراط في أعمال عنيفة لأسباب جهادية، معربا عن استعداده الذهاب إلى سوريا للقتال، قائلا: "سأذهب إلى سوريا غدًا، سأفعلها غدًا".
وأفادت نتائج هذه الاختبارات، التي توخت كشف طرق التفكير في أوساط الجهاديين المتطرفين، من خلال تحليل، وفحص أدمغة مواطنين اسبان من أصل مغربي، الذين جنحوا نحو التطرف، أن " التطرف العنيف هو "ظاهرة اجتماعية" ترتبط أساسًا بقيم المقدس"، وبالرغبة في "الجهاد".
وأشارت الدارسة، التي جاءت بعنوان " علم أعصاب الإرهاب: كيف أقنعنا مجموعة من المتطرفين بالسماح بفحص أدمغتهم"، والتي أشرف عليها "معهد الأبحاث متعدد التخصصات الأمريكي " Artis International"،" الى أن المشاركين المغاربة في اختبارات هذه الدراسة، أبدوا استعدادًا أكبر للقتال والموت من أجل ما يعتبرونه "قيما مقدسة" بدلاً من "القيم غير المعلنة"، كما أظهرت الاختبارات أيضًا، أن " الدفاع عن القيم المقدسة "ينشط التلفيف الجبهي الأيسر السفلي (IFG) – وهو مجال يرتبط بالدرجة الأولى بالأنشطة العقلية عند الانسان".
وأظهرت ذات الاختبارات المسحية، أنه بعد إجراء 535 دراسة مسحية مع شباب مقيمين في برشلونة من أصل مغربي، اختارت المؤسسة إجراء المسح على 38 شخصا منهم، قالوا خلال استجوابهم "إنهم مستعدون للمشاركة في أعمال عنف، لـ"مبررات جهادية"، بينما أجريت 146 دراسة مسحية مع مواطنين باكستانيين، وتم اختيار 30 شخصا منهم فقط.
الاختبارات كشفت أيضا، أن " الأشخاص، الذين تم تصنيفهم في خانة "الأشخاص المستبعدين اجتماعيا"، يبدون استعدادهم للموت والتعامل بعنف حتى فيما يخص المواضيع التي ليست لها أي قيمة مقدسة، على عكس "الأشخاص المندمجين اجتماعيا".
وسجلت الاختبارات أيضان أنه بعد إجراء المسح الدماغي للباكستانيين، تبين أنهم أكثر تطرفا من المغاربة، مبرزة أن " ظاهرة التطرف، لا يمكن ربطها بالعوامل الاجتماعية أو البيئية أو الاقتصادية، على اعتبار أن "الإقصاء الاجتماعي يمكن أن يؤدي بالشباب الى الجنوح نحو التطرف باعتباره ظاهرة اجتماعية".
واستند القائمون على هذه الدراسة المسحية للوصول إلى هذه النتائج، الى مقابلات مع أزيد من 535 شابًا، 38 منهم أعلنوا استعدادهم للانخراط في أعمال عنف للدفاع تحت يافطة ما يعتبرونه "جهادا"، كما أكد المشرفون على الاختبارات، أن " المشاركين المغاربة، الذين وافقوا على فحص أدمغتهم، وتحليل نشاطها، وجهت اليهم أسئلة حول ماهية انشاء "خلافة عالمية"، أو "دولة اسلامية" تحكمها الشريعة الإسلامية الصارمة والجهاد المسلح".
ويشرح هؤلاء أنه لدراسة سير عمل أدمغة المشاركين، تم دعوة المشاركين من المغرب للمشاركة في لعبة فيديو يقوم خلالها ثلاثة لاعبين إسبان شباب آخرين (افتراضيًا) بتمرير الكرة للمشاركين، الذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين. الاولى تستمر اللعبة لديها بشكل طبيعي، فيما تتوقف الشخصيات الافتراضية عن تمرير الكرة لدى المجموعة الثانية، لمنحها شعوراً بالاقصاء الاجتماعي".
في المرحلة الثانية من التجربة، تم إجراء استخلاص معلومات حول مواضيع تتعلق بالقيم المقدسة وغير المقدسة، كما كانت جميع مراحل هذه التجربة مصحوبة بفحص نشاط الدماغ. ومن خلال تحليل أدمغة المجموعتين، المستبعدين وغير المستبعدين اجتماعيا، قام الباحثون بقياس "استعدادهم للقتال والموت من أجل قيمهم المقدسة"، مثل حظر الرسوم الكاريكاتورية للأنبياء، وحظر زواج المثليين، علاوة على القيم "غير المقدسة الأخرى غير المهمة"، من ضمنها ارتداء النقاب وتعليم الإسلام في المدارس.
وخلصت الدراسة الى أن "عملية التطرف تعد "نظامًا معقدًا لا يمكن اختزاله في الدماغ أو السلوك أو البيئة، بل هو محصلة لتقاطع كل هذه العوامل"، كما أن "تفسيرات مبسطة تصف الناس "بالجنون"، أو تلقي باللوم على دين أو مجموعة عرقية بأكملها، أو تصف المجتمعات المحلية على أنها مصدر الشر"، كلها عوامل وغطاء للجماعات الإرهابية لاستقطاب الشباب، مشددة على ضرورة بناء مجتمعات دامجة قادرة على بلورة سياسات لمواجهة التطرف العنيف".