العراقيون يستأنفون حراكهم مع انتهاء مهلة تعيين رئيس للوزراء
بعد نحو أسبوعين من الهدوء، أعاد المتظاهرون رفع الصوت في العراق في وجه تسويف السياسيين غير القادرين على التوافق حول رئيس جديد للوزراء مع انتهاء المهلة الدستورية اليوم، وأمام إصرار الجارة الإيرانية التي ترفض التنازل عن خيارها.
وأقدم آلاف المتظاهرين على قطع الطرقات وإغلاق الدوائر الحكومية في غالبية مدن جنوب العراق الأحد، الموعد الذي حددته السلطات لإعلان مرشح لرئاسة الوزراء.
وفيما يؤكد مسؤولون سياسيون أن الجارة الإيرانية صاحبة النفوذ القوي في العراق، تواصل سعيها لتمرير مرشحها قصي السهيل الذي كان ووزيرا في الحكومة المستقيلة، أعلن الشارع رفضه التام للسهيل معتبرا أنه جزء من طبقة سياسية تحتكر الحكم منذ 16 عاما في البلاد.
وليل السبت الأحد، أعلن المتظاهرون في الديوانية والبصرة بجنوب البلاد “الإضراب العام”، بعد ثلاثة أشهر من احتجاجات غير مسبوقة أسفرت عن مقتل نحو 460 شخصا وإصابة 25 ألفا آخرين بجروح.
وبعد أسابيع عدة من الهدوء في الاحتجاجات بفعل حملات الترهيب والخطف والاغتيالات التي تقوم بها “ميليشيات” وفق الأمم المتحدة، فإن الانتفاضة عادت لت ستأنف الأحد.
وأعلن أحد المتظاهرين في المخيم بوسط المدينة أن “الثورة مستمرة”.
وكان المتظاهرون رحبوا في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر باستقالة حكومة عادل عبد المهدي. واليوم، هم يريدون إسقاط رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية برهم صالح، اللذين يتهمونهما بـ”المماطلة”.
البرلمان الحالي هو الأكثر انقساما في تاريخ العراق الحديث. وقد فشل النواب الأربعاء في الاتفاق على إعادة صياغة قانون الانتخابات، أكبر إصلاح قدمته السلطات إلى المحتجين، ورفعوا الجلسة حتى يوم الاثنين.
وفي غياب اتفاق بين الكتل البرلمانية على الشخصية التي ستوكل إليها مهمة تشكيل الحكومة، مدد صالح المهلة الدستورية حتى اليوم الأحد، علما أن الدستور يضمن له تسمية مرشح خلال 15 يوما بعد انتهاء المهلة الدستورية الرسمية.
وقال متظاهر في الديوانية لوكالة فرانس برس “إنهم لا يحترمون الدستور”. ويهتف المحتجون في ساحة التحرير وسط بغداد “برهم وحلبوسي جاكم السره (جاء دوركما)”.
وفي الديوانية أيضا ، أغلقت مجموعات من المتظاهرين الإدارات الرسمية الواحدة تلو الأخرى، رافعين لافتات كتب عليها “نعتذر لإزعاجكم، نعمل لأجلكم”.
وليل السبت الأحد، قام عشرات المتظاهرين بإغلاق الطريق السريعة التي تربط مدن الجنوب العشائري والنفطي ببغداد، بالإطارات المشتعلة، بحسب مراسل من وكالة فرانس برس.
وفي كربلاء والنجف، المدينتان المقدستان لدى الشيعة، أغلق الطلاب والتلامذة المضربون كل المدارس، وتجمعوا بالآلاف في الساحات، بحسب مراسلي فرانس برس في المكان.
وفي الناصرية، أقدم المتظاهرون على قطع الجسور وطرق محورية عدة، فيما ظلت جميع الإدارات الرسمية مغلقة.
وفي العاصمة بغداد تجمع الطلاب في ساحة التحرير المركزية بوسط العاصمة.
وقالت المتظاهرة هويدا (24 عاما )، وهي طالبة في كلية العلوم، لفرانس برس “نرفض السيطرة الإيرانية على بلادنا، سليماني هو من يدير الأمور لدينا. يجب أن يعود العراق لما كان عليه”.
من جهته، اعتبر معتز (21 عاما ) أنه “سقط شهداء بالمئات. نحن نريد شخصية نزيهة وشريفة، وهم يريدون شخصا يسرق”.
ومنذ موافقة مجلس النواب في الأول من كانون الأول/ديسمبر الحالي على استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بدأت بورصة السياسة تداول أسماء عدة، بعضها كان جديا ، وأخرى كانت أوراقا محروقة لاستبعادها.
ويبدو أن الإيرانيين يدفعون باتجاه تسمية وزير التعليم العالي قصي السهيل، بحسب ما أكدت مصادر عدة لفرانس برس.
والسهيل عضو سابق في تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وانضم في ما بعد إلى كتلة دولة القانون، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وكانت مصادر سياسية عدة مقربة من دوائر القرار في العاصمة العراقية أكدت لفرانس برس أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ومسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني، يدفعان باتجاه إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة بترشيح السهيل.
وكانت فرص السهيل كبيرة في الساعات الأخيرة. لكن بما أن المشاورات في العراق تشبه صندوق أسرار تخرج منه مفاجأة في الوقت بدل الضائع، يصعب التكهن باسم رئيس الوزراء.
المصدر: الدار- اف ب