أخبار دولية

برلمان العراق يطالب بـ”إنهاء تواجد” القوات الأجنبية وسقوط صواريخ بمحيط السفارة الأميركية

سقط صاروخان على الأقلّ مساء الأحد في محيط السفارة الأميركيّة داخل المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط بغداد، بعد ساعات من مطالبة البرلمان العراقي الحكومة بـ”إنهاء تواجد” القوّات الأجنبيّة في البلاد، في ظلّ تصاعد التوتّر الإقليمي عقب اغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني.

ومنذ الجمعة، يوم اغتيال سليماني، مهندس الاستراتيجيّة الإيرانيّة في الشرق الأوسط، ونائب رئيس هيئة الشعبيّ أبو مهدي المهندس الموصوف بأنّه رجل إيران في العراق، يخشى العالم تدهور الأوضاع.

وبينما تتصاعد في طهران دعوات إلى “الانتقام” والردّ “العسكري”، هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستهداف 52 موقعًا إيرانيًّا.

وسقط صاروخان على الأقلّ مساء الأحد في محيط السفارة الأميركيّة داخل المنطقة الخضراء، بعد ساعات من انتهاء مهلة حدّدها فصيل موالٍ لإيران للقوّات الأميركيّة، بحسب ما قال شهود لوكالة فرانس برس.

ومنذ نهاية أكتوبر، استهدف 14 هجوماً بالصواريخ مصالح أميركيّة في العراق، وخصوصاً قواعد عسكريّة، لم تتبنّها أيّ جهة، لكنّ واشنطن حمّلت مسؤوليتها لكتائب حزب الله.

وكان هذا الفصيل العراقيّ المسلّح دعا السبت القوّات العراقيّة إلى الابتعاد من أماكن تواجد القوات الأميركيّة بدءاً من الساعة الخامسة (14,00 ت غ) بعد ظهر الأحد.

وأفاد مصدر أمني عن سقوط صاروخ ثالث على حيّ سكني قريب من المنطقة الخضراء، أسفر عن إصابة أربعة مدنيين من عائلة واحدة بجروح، بحسب ما أكد مصدر طبي لفرانس برس.

وأثار اغتيال سليماني والمهندس إجماعًا نادرًا ضدّ الولايات المتّحدة في العراق الذي شهد منذ أشهر انتفاضة شعبيّة احتجاجاً على الهيمنة الإيرانيّة.

والأحد، استقبلت حشود هائلة في الأهواز (جنوب-غرب) وفي زنجان (شمال-شرق) وفي مشهد (شمال-شرق) نعش سليماني، وسط هتافات “الموت لأمريكا”، غداة تشييع مماثل في العراق.

وندّد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ب”اغتيال سياسي” لسليماني والمهندس، بما لا يترك أمام بغداد سوى “خيارين”. فإمّا “إنهاء تواجد القوّات بإجراءات عاجلة ووضع الترتيبات لذلك” أو “العودة إلى مسوّدة قرار كانت مطروحة أمام مجلس النواب” ينصّ على “شروط تواجد أيّ قوّات أجنبيّة”.

ودعا البرلمان العراقي الأحد الحكومة إلى “إنهاء تواجد أيّ قوّات أجنبيّة” على أراضيه، عبر المباشرة بـ”إلغاء طلب المساعدة” المقدم إلى المجتمع الدولي لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وخلال جلسة طارئة للبرلمان، نقلت مباشرة عبر شاشة القناة الرسمية للدولة، وبحضور عبد المهدي، صادق النواب على قرار “إلزام الحكومة العراقية بحفظ سيادة العراق من خلال إلغاء طلب المساعدة”، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

وكان مراسل فرانس برس قال إنّ النواب الأكراد، وهم نحو 50 نائبا، تغيبوا عن الجلسة، وكذلك غالبية النواب السنة. وحضر الجلسة 168 نائبا من اصل 329 يتألف منهم البرلمان العراقي.

ورحبت ايران بالتصويت معتبرةً انه “مع المصادقة على هذا القرار، فإنّ الابقاء على الوجود الاميركي في العراقي سيُعتبر احتلالا”.

تزامناً، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها استدعت السفير الأميركي للتنديد بـ”انتهاك صارخ لسيادة” البلاد.

وأوضحت الوزارة في بيان أنها أبلغت السفير ماثيو تولر أن “العمليات العسكرية غير المشروعة التي نفذتها الولايات المتحدة اعتداء وعمل مدان يتسبب بتصعيد التوتر بالمنطقة”.

كما أعلنت تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في شأن “الاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة”.

والأحد، دعا الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الشعب العراقي الى طرد كل الجنود الأميركيين من العراق، قائلا “أضعف الإيمان بالرد على جريمة” قتل سليماني “هو إخراج القوات الأميركية من العراق وتحريره من الاحتلال الجديد”.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تصريحات تلفزيونية بثّت الأحد أنّه يرى “احتمالات حقيقية” لإقدام إيران على استهداف جنود أميركيين ردّاً على اغتيال سليماني.

وقال لشبكة فوكس نيوز “نعتبر أنّ هناك احتمالات حقيقية بأن ترتكب إيران خطأ وتتّخذ قرار استهداف بعض قواتنا، قوات عسكرية في العراق أو جنود في شمال شرق سوريا”.

ولم ينفك التوتر بين واشنطن وطهران يتصاعد منذ الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق الموقع عام 2015، الذي ترافق مع إعادة فرض عقوبات أميركية واسعة على طهران. وبعد عام من ذلك، أطلقت إيران سياسة تقضي بالخفض التدريجي لالتزاماتها ضمن الاتفاق الذي كان يهدف إلى تأطير برنامجها النووي.

وكشفت طهران الأحد “المرحلة الخامسة والأخيرة” من برنامجها القاضي بخفض التزاماتها الدولية التي نص عليها الاتفاق النووي، مؤكدة التخلّي عن “كل القيود المتعلّقة بعدد أجهزة الطرد المركزي”.

في ظل هذه التطورات، يبدو التصعيد لا مفر منه. فمن جهة تُعلن طهران أنّها “ستنتقم” وتشير إلى أنّ الرد سيكون “عسكريا”، فيما هدد ترامب بتدمير 52 موقعا ايرانيا “على مستوى عال جدّاً ومهمّة لإيران والثقافة الإيرانيّة”.

وفي حين أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنّ “استهداف مواقع ثقافية هو جريمة حرب”، قال بومبيو “سنتصرف ضمن إطار القانون”.

تزامنا توافق قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الأحد على العمل معاً من أجل احتواء التوتر في الشرق الاوسط وفق ما اعلن متحدث باسم الحكومة الالمانية.

وأشار المتحدث الى أن القادة الثلاثة “متوافقون على أن نزع فتيل التصعيد هو أمر ملِحّ”، متابعاً أنّ “إيران مطالبة بإلحاح باظهار ضبط النفس في الظروف الراهنة”.

في بروكسل، دعا وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل وزير الخارجية الإيراني إلى زيارة العاصمة البلجيكية حيث مقار المؤسسات الأوروبية، من دون تحديد موعد لذلك.

وذكّرت فرنسا مساء الاحد العراق باهمية مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، حسبما اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية.

وقالت الوزارة في بيان ان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان تحادث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي و”اكد اهمية استمرار مكافحة داعش في العراق وسوريا في اطار التحالف الدولي ضد داعش، مع الاحترام الكامل للسيادة العراقية”.

ومساء السبت، في أعقاب خروج حشود هائلة في العراق خلال تشييع سليماني والمهندس، شارك فيها عبد المهدي وقادة في الحشد الشعبي، استهدفت هجمات صاروخيّة المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد حيث مقرّ السفارة الأميركيّة، وقاعدة جوّية شمال العاصمة، يتواجد فيها جنود أميركيّون.

ووسط الخشية من أعمال انتقامية، أعلن حلف الأطلسي السبت تعليق مهمّات التدريب التي يُجريها في العراق. وكذلك فعل التحالف الدوليّ بقيادة واشنطن، بإعلانه الأحد أنه سيعلّق تدريب القوات العراقية والقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بسبب “الالتزام بحمایة القواعد العراقیّة التي تستضیف قوّات التحالف”.

من جانبها، أعلنت واشنطن نشر ما بين 3 آلاف عنصر و3,500 إضافيّين في المنطقة.

المصدر: الدار ـ أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى