الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية.. الزربية التقليدية موروث عريق يشهد على الإبداع الفني للحرفي المغربي
تعد الزربية التقليدية المغربية، هذا الموروث العريق الذي يعتبر قطعة فنية بكل معنى الكلمة، شاهدا حقيقيا على الثراء الثقافي والحضاري للمملكة والإبداع الفني للصانع التقليدي المغربي. فبألوانها المتنوعة والمفعمة بالحياة وأنماطها الفريدة والمتناغمة، لا تزال هذه القطعة الفنية تأسر وتغري محبي فن الزرابي من مغاربة وأجانب.
وتختلف هذه التحفة الفنية المتأصلة في التاريخ والتقاليد، والتي تعد مفخرة للصناعة التقليدية المغربية، من منطقة إلى أخرى، حيث يمكن من خلال جولة عبر مختلف الأجنحة المخصصة للزربية المغربية التقليدية، داخل المعرض المقام بمناسبة الدورة السادسة من الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، المنظمة من 12 إلى 26 يناير الجاري بمراكش تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اكتشاف الإختلاف الذي يتميز به هذا الموروث التقليدي، من الزربية الفاسية إلى الزربية الزيانية مرورا بزربية بني مطير وزمور ووزان، وحنديرة الأطلس المتوسط.
وهكذا، أوضحت رئيسة جمعية الأصالة للصناعة التقليدية بفكيك والمشاركة في المعرض، كريمة الدبشي، أن كل منطقة في المغرب تتميز بمنتوجها المحلي، مشيرة إلى أن زربية منطقة فكيك تتميز بالفرادة نظرا لنوعية الصوف المستخدم في صناعتها والطريقة المتبعة في عملية النسج والأشكال المرسومة عليها.
وأكدت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الزربية الفكيكية مشهورة بجودتها وتعكس ثقافة وتقاليد المنطقة الشرقية، كما تعرف ازدهارا حقيقيا، مبرزة أن تنظيم هذا النوع من التظاهرات سيساعد في الترويج لهذا المنتوج وتقريب الزربية الفكيكية من المواطن المغربي.
وأشارت إلى أن صناعة الزربية التقليدية غيرت حياة الكثير من النساء والأسر في المنطقة وأصبحت مصدرا مهما للدخل، مضيفة أن جمعيتها تعمل من أجل التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز قدراتها من خلال تنظيم دورات تكوينية وزيارات.
وفي هذا الصدد، أشارت الدبشي إلى تنظيم جمعيتها زيارة إلى إيطاليا لتتقاسم الخبرة المغربية في صناعة الزرابي والمهارات الحرفية وكذلك للاستفادة من التجربة الإيطالية في هذا المجال، لا سيما فيما يتعلق بصباغة الصوف.
من جانبها، سلطت رئيسة “التعاونية نصيح” من الفقيه بن صالح، سميرة نصيح، الضوء على أهمية الحفاظ على هذا النشاط والسهر على نقله للأجيال القادمة.
وأبرزت في السياق ذاته، أن تعاونيتها تعمل على الحفاظ على “الحيك لعميري” الذي أصبح مهددا بالانقراض، مضيفة أنه “من خلال هذه الزرابي، نريد إعادة إحياء هذا الموروث العريق الذي يميز منطقة الفقيه بن صالح”.
وأشارت إلى أن تعاونيتها تقوم بعدة أبحاث على هذا النوع من الزرابي الذي لم يعد له وجود منذ خمسينيات القرن الماضي، مسجلة أن الهدف يتمثل في الحفاظ على هذا التراث، مع الابتكار في الوقت ذاته وإضفاء لمسة جديدة.
وتتابع نصيح بالقول أنه “في الحيك لعميري، كل لون ورسم وشكل هندسي له معنى وتاريخ. ففي ذلك الوقت، كانت نساء المنطقة تستعملنه من أجل التعبير عن أحاسيسهن، فمثلا اللون الأسود كان رمزا للألم والحزن”.
من جهتها، أعربت زهرة الدهاوي، رئيسة “تعاونية إبداع من أجل الصناعة التقليدية” في الحاجب، عن فخرها الكبير بالمشاركة في هذا المعرض الهام، مبرزة تنوع منتوجات منطقتها، لاسيما “زربية بني مطير”، و”الحنبل”، و”الحنديرة”.
وسجلت أن “زربية بني مطير” تشتهر بلونها الأحمر، مؤكدة أنه على مستوى تعاونيتها، تم الحفاظ على الرسم الذي يميز هذه الزربية، كما تم الابتكار في الوقت نفسه على مستوى الألوان والمواد المستخذمة.
وأشارت الدهاوي، إلى أنه من بين ما يميز التعاونية هو إنتاج زربية نباتية، موضحة أنه “علاوة على الصوف الطبيعي، نستعمل في صباغة الزرابي بعض النباتات من قببل الزعرور، والفوة، والأوكالبتوس، وأوراق الزيتون، والفوة الصبغية، والخشخاش، وغيرهما”، مؤكدة أنه يتم تفضيل الصباغة باستعمال هذه المواد الطبيعية لما لها من منافع صحية، فبالإضافة إلى رائحتها العطرية، هذه الزربية هي “صديقة للصحة، بدون مواد كيميائية وتساعد على محاربة الحساسية”.
من جانبها، أكدت رئيسة “التعاونية إبداع من أجل صناعة الزرابي” بالعيون، أنه “لايمكننا التحدث عن الخيمة الصحراوية دون الإشارة إلى الزرابي، فهما مرتبطان ترابطا وثيقا”، مضيفة أن هذا المنتوج، الذي يحضر بقوة في الجنوب، عرف تطورا كبيرا مع الحفاظ على طابعه الأصلي”.
وأبرزت أن هذه الزربية المصنوعة من ألوان طبيعية، تتميز باستخدام نوعين من الصوف، صوف الأغنام والصوف أو شعر الإبل الذي يحتوي على فوائد صحية لا حصر لها، مضيفة أن التعاونية تقوم كذلك بتدوير الأكياس البلاستيكية من أجل صناعة اللوحات، “فهدفنا هو تسليط الضوء على هذا الموروث العريق مع احترام البيئة في الوقت ذاته”.
وتروم هذه الدورة، المنظمة بمباردة من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، من خلال دار الصانع، إلى بناء “العلامة التجارية” للصناعة التقليدية المغربية، وجعل من هذه التظاهرة فضاء لقاءات لا محيد عنه بالنسبة للحرفيين الذين يريدون تثمين إبداعاتهم، والتعرف على التوجهات الجديدة وتعزيز تسويق منتوج الصناعة التقليدية المغربي، في أرض الوطن وخارجها.
المصدر: الدار ـ و م ع