خامنئي يقلل من أهمية التظاهرات المناهضة للنظام في إيران
حافظ المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي على موقف حازم تجاه القوى الغربية الجمعة، ولمح إلى أنّ التظاهرات المناهضة للنظام التي اندلعت عقب كارثة الطائرة الأوكرانية لا تمثّل مجمل الشعب الإيراني.
وتوجه خامنئي بانتقاد شديد إلى الأوروبيين في قضية الملف النووي، واصفاً إياهم ب”اذيال اميركا”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “ارنا”.
وجاء كلام خامنئي خلال خطبة الجمعة في مسجد المصلى في طهران حيث أمّ الصلاة للمرة الأولى منذ العام 2012.
وارتفعت مرات عدة خلال الخطبة هتافات “الموت لأميركا” و”الموت لإسرائيل”، من قبل حشود ملأت المسجد والساحة المحيطة به، وفق مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي.
ومطلع الشهر الجاري، بدت إيران والولايات المتحدة على شفير مواجهة عسكرية مباشرة.
ففي الثالث من يناير، اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، مهندس الاستراتيجية الإيرانية الإقليمية، في ضربة نفّذتها طائرة مسيرة قرب بغداد.
وبعد خمسة أيام، في الثامن من يناير، أطلقت إيران صواريخ على قاعدتين في العراق يتمركز فيهما جنود أميركيون ما أدى إلى إصابة 11 جندياً، رداً على مقتل سليماني.
وفي اليوم نفسه، أسقطت إيران “من طريق الخطأ” بواسطة صاروخ طائرة بوينغ تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية بعيد إقلاعها من طهران.
واعتبر خامنئي أن كارثة الطائرة “حادث مرير (…) أحرق قلبنا”. ولكنه تدارك بأن “العدو ابتهج بذات القدر، متوهمين انهم حصلوا على مستمسك يمكنهم من التشكيك من خلاله بالحرس الثوري والقوات المسلحة والجمهورية الاسلامية ككل”، وفق “ارنا”.
وأكد خامنئي أن عمل سليماني خارج حدود البلاد كان من أجل “أمن” إيران، مشيراً إلى أن الشعب يؤيد “الحزم” و”المقاومة” في مواجهة “أعداء” البلاد.
وقال خامنئي إنّ “اليوم الذي خرجت فيه عشرات الملايين في ايران ومئات الالاف في العراق وبعض الدول للمشاركة في مراسم تشييع سليماني (…) كان يوما من ايام الله”.
كما اضاف أنّ “اليوم الذي دكت فيه صواريخ الحرس الثوري القاعدة الاميركية (في العراق) كان ايضا يوما من أيام الله”.
وبينما بدا أن مستوى التوتر بين واشنطن وطهران تراجع بعد مأساة الطائرة الأوكرانية، فإن الحادث أثار موجة تنديد في إيران.
ففي العاصمة الإيرانية، لا تزال الشرطة منتشرة بكامل قوتها الجمعة.
ومنذ أقرت إيران السبت بإسقاطها الطائرة “من طريق الخطأ”، نُظمت يومياً تظاهرات مناهضة للسلطات.
وتركزت التظاهرات في العاصمة وبدت بشكل واضح أقلّ حجماً من موجة الاحتجاجات في نوفمبر على ارتفاع سعر الوقود والتي شهدت قمعاً دامياً أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 300 شخص، بحسب منظمة العفو الدولية.
وبحسب مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّلت مراسم لتكريم ضحايا الطائرة في أصفهان (وسط) إلى تظاهرة مناهضة للسلطات.
وبعد صلاة الجمعة التي أمها خامنئي، بث التلفزيون الإيراني الحكومي مشاهد لتجمعات مؤيدة للسلطة وللقوى العسكرية في عدد من مدن البلاد.
وكان قائد القوات الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة أعلن الأسبوع الماضي تحمل “المسؤولية كاملة” عن مأساة الطائرة مؤكداً أن الجندي الذي أطلق الصاروخ اعتقد أن طائرة البوينغ هي “صاروخ كروز”، في وقت كانت دفاعات البلاد في حالة تأهّب قصوى خشية من ردّ أميركي.
والجمعة، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر “يجب رفض تسييس هذه المأساة”.
وأضاف أنّه “ينبغي التركيز على عائلات الضحايا”، مضيفا أنّه تباحث مع نظيره الكندي فرنسوا فيليب شامبان بشأن التعاون في التحقيق.
وطالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ايران الجمعة بإرسال الصندوقين الاسودين للطائرة إلى مختبر في فرنسا لتحليلهما.
وعن الاتفاق النووي الذي يسمم العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي، ندد خامنئي بالحكومات البريطانية والفرنسية والألمانية.
وقال إنّها “في خدمة مصالح الولايات المتحدة ولا يمكن الوثوق بها”، لافتا إلى ان انه حذر “في وقت سابق من هذه الدول الاوروبية الثلاث في موضوع الاتفاق النووي باعتبارها اذيالا لاميركا”.
وانسحبت واشنطن بشكل أحادي في 2018 من الاتفاق النووي مع إيران، وأعادت فرض عقوبات شديدة على طهران. وردا على ذلك، بدأت إيران بالتخلي تدريجا عن عدد من التزاماتها ضمن الاتفاق. ومن جانبها، شرعت باريس وبرلين ولندن في تبني آلية من شأنها أن تجعل إيران تحترم الاتفاق بشكل تام.
بدورها، اعتبرت روسيا الجمعة أنّ مأساة الطائرة الأوكرانية تشكّل “إنذارا جديا ومؤشرا لبدء العمل على خفض التصعيد” بين إيران والولايات المتحدة.
المصدر: الدار ـ أ ف ب