محاكمة دونالد ترامب التاريخية تدخل في صلب الموضوع
يباشر مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء محاكمة تاريخية لدونالد ترامب يتواجه فيه معسكران كل منهما متصلب في موقفه: المعارضة الديموقراطية المطالبة بإقالة الرئيس والغالبية الجمهورية المصممة على تبرئته وبأسرع ما أمكن.
وبعد أربعة أشهر على انكشاف الفضيحة الأوكرانية التي تلقي بظلالها على نهاية الولاية الأولى للرئيس الجمهوري، وقبل أقل من عشرة أشهر من انتخابات رئاسية يخوضها للفوز بولاية ثانية، يجتمع أعضاء مجلس الشيوخ المئة في الساعة 13,00 (18,00 ت غ) برئاسة رئيس المحكمة العليا جون روبرتس.
وتقضي مهمة أعضاء مجلس الشيوخ الذين أقسموا اليمين لدى افتتاح المحاكمة رسميا الخميس ليكونوا محلفين فيها، بتحديد ما إذا كان ترامب أقدم فعلا على استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس كما يرد في البيان الاتهامي الذي صوت عليه مجلس النواب في ديسمبر وقرر على أساسه عزل الرئيس.
وهذه محطة تاريخية في الولايات المتحدة إذ إنها ثالث مرة فقط في تاريخ هذا البلد يقوم فيها الكونغرس بمحاكمة الرئيس ضمن آلية عزل، بعد أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1999.
وسيغيب ترامب عن جلسات مجلس الشيوخ حيث سيمثله فريق محاميه، وسيكون في دافوس حيث يشارك على مدى يومين في المنتدى الاقتصادي العالمي حيث يلقي كلمة أمام نخب السياسة والاقتصاد قبل بدء المداولات في مجلس الشيوخ.
وفي قلب الفضيحة خلف الآلية اتصال هاتفي أجراه ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يوليوز وطلب منه خلاله فتح تحقيق بحق جو بايدن، خصمه الديموقراطي الذي قد يواجهه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وأجرى الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس النواب التحقيق واتهموا على أساسه ترامب بابتزاز كييف من خلال وقفه مساعدة عسكرية حيوية لأوكرانيا واشتراط فتح التحقيق بحق بايدن لمنحها.
رد محامو ترامب في مذكرة من 110 صفحات سلمت الاثنين للكونغرس أن “الرئيس لم يرتكب اي فعل سيء”.
وهذا هو خط الدفاع الذي يتمسك به رجل الأعمال السابق البالغ من العمر 73 عاما، وهو يندد منذ أشهر بـ”حرب شعواء” تُشن عليه، مؤكدا أن اتصاله بزيلينسكي كان “عظيما”.
وحمل محاموه على “آلية مزورة” تشكل “انحرافا خطيرا عن الدستور”، معتبرين أن الاتهامات التي أقرت بحق الرئيس بأصوات الديموقراطيين حصرا لا يترتب عنها عزله لأنها “لا تتضمن أي جريمة أو انتهاك للقانون”.
ودعا الفريق القانوني في البيت الأبيض الذي ضم إلى صفوفه بعض نجوم السلك القضائي مثل المدعي العام السابق كينيث ستار الذي سعى لعزل بين كلينتون إثر فضيحة مونيكا لوينسكي، إلى “التبرئة الفورية” للرئيس الأميركي الخامس والأربعين في مجلس الشيوخ.
ويرى الديموقراطيون المكلفون الادعاء في المحاكمة أن ترامب يقول من خلال خطه الدفاعي إنه “لا يمكن لمجلس الشيوخ عزله حتى لو أُثبتت التهم بحقه”.
في المقابل، يعتزم النائب الديموقراطي آدم شيف الذي يتولى دور المدعي العام، إثبات أن الرئيس ارتكب ثلاث مخالفات للدستور تستوجب عزله، مؤكدا أن ترامب “التمس تدخلا أجنبيا، وعرّض أمننا القومي للخطر وسعى للغش في الانتخابات المقبلة”.
وأكد الإثنين “هذا أسوأ كابوس لآباء الدستور”.
لكن تبدو تبرئة ترامب شبه مؤكدة على ضوء الغالبية الجمهورية الموحدة في دعمها له في مجلس الشيوخ، فيما يبقى السؤال مطروحا حول مدة المداولات.
وقبل ساعات من بدء المحاكمة، لا يزال الغموض مخيما على سير المحاكمة التي تبدأ بعمليات تصويت حول الآلية التي سيتم اتباعها.
وأفاد أعضاء في معسكر الرئيس أن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل يريد فرض مداولات مسرّعة، تصميما منه على تأمين تبرئة سريعة للرئيس في مهلة أسبوعين إذا أمكن الأمر.
وعرض ماكونيل في هذا السياق مساء الاثنين تخصيص يومين من 12 ساعة لعرض حجج الاتهام، تليها المهلة ذاتها لعرض حجج الدفاع، ثم 16 ساعة مخصصة لأسئلة أعضاء مجلس الشيوخ.
غير أن المعارضة الديموقراطية في المجلس اعتبرت هذه المهلة قصيرة جدا وندد زعيمها تشاك شومر بـ”عار وطني”.
وبعد هذه المرحلة الأولى، يطرح ميتش ماكونيل مسألة استدعاء شهود في عملية تصويت.
ويطالب الديموقراطيون بالاستماع إلى إفادات أربعة أطراف أساسيين في القضية الأوكرانية، بينهم كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفيني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون.
لكن عليهم من أجل ذلك الفوز في عملية تصويت خاصة بكل من الشهود، ما يبدو صعبا في ظل توازن القوى في المجلس حيث يشغل الجمهوريون 53 مقعدا من أصل مئة.
المصدر: الدار ـ أ ف ب