صحة

فيديو منتشر: المشروبات الغازية والنقانق أصابتني بالسرطان.. ما الحقيقة؟

يتناقل الناس فيديو على الواتساب لرجل يحذر من المشروبات الغازية والنقانق، ويقول إنه كان يشرب 4-5 علب من المشروبات الغازية يوميا، ويأكل النقانق 2-3 مرات أسبوعيا، مما أدى إلى إصابته بالسرطان. فما العلاقة بين المشروبات الغازية والنقانق والسرطان؟

بداية فإننا نعبّر عن تضامننا وتقديرنا واحترامنا لهذا الشخص في الفيديو المذكور، وأيضا لجميع المصابين بالسرطان في العالم والمتعافين منه، ونتمنى لجميع المرضى عاجل الشفاء.

وفيما يتعلق بالسرطان وأسبابه، فهذا المرض يحدث نتيجة طفرة في الحمض النووي (DNA) في الخلية، والحمض النووي هو الشفرة المسؤولة عن تنظيم نمو الخلية ونشاطها، وحدوث هذا التغير فيها يؤدي إلى تحول الخلية إلى خلية غير طبيعية.

هذه الخلية غير الطبيعية -أي السرطانية- تنمو وتتكاثر دون سيطرة، وتنتقل إلى أماكن أخرى في الجسم، أي أنه يمكن اعتبار الخلايا السرطانية خلايا فقدت صوابها وأصيبت بالجنون، فهي تخرب وتدمر أينما حلت.

وهناك عدة عوامل قد تؤدي أو تزيد مخاطر حدوث الطفرات في المادة الوراثية، مثل التعرض للمواد الكيميائية المسرطِنة وأشعة الشمس والفيروسات والبكتيريا والتقدم في العمر.

خلال السنوات الماضية سُلط الضوء على الدور الذي يلعبه نمط التغذية الحديث الغني بالمشروبات السكرية والأغذية المعالجة، ومنها المشروبات الغازية والنقانق.

المشروبات الغازية تزيد خطر السرطان


هناك عدة معطيات تشير إلى أن تناول المشروبات السكرية (مثل المشروبات الغازية والعصائر) يرتبط بزيادة خطر السرطان. فمثلا وجدت دراسة أجراها باحثون في فرنسا نشرت عام 2019 في مجلة “بي إم جي” (BMJ) وشملت أكثر من 100 ألف إنسان، أن استهلاك المشروبات السكرية يرتبط مع خطر الإصابة بالسرطان عموما، وبسرطان الثدي خصوصا.

كما وجدت الدراسة علاقة بين استهلاك عصائر الفاكهة وزيادة خطر السرطان بشكل عام.

ووجد الباحثون أن شرب ما يتراوح بين 3 إلى 4 أونصات من المشروبات السكرية يوميا (90-120 مليلترا) ارتبط بزيادة قدرها 18% في خطر الإصابة بالسرطان. وارتبط أيضا بزيادة بنسبة 22% في خطر الإصابة بسرطان الثدي؛ وللعلم فإن علبة المشروبات الغازية عادة ما تحتوي على 250 مليلترا.

وقال الباحثون إن المشروبات السكرية التي تستهلك على نطاق واسع في الدول الغربية، قد تكون عامل خطر قابلا للتعديل للوقاية من السرطان.

في المقابل، لم يرتبط استهلاك المشروبات المحلاة اصطناعيا (الدايت) بخطر الإصابة بالسرطان، مما يشير إلى أن المشكلة ترتبط بمحتوى المشروب من السكر، مع الحاجة طبعا إلى إجراء مزيد من الدراسات.

دراسة أخرى أجراها مجلس السرطان في فيكتوريا بأستراليا وجامعة ملبورن عام 2018، وشملت أكثر من 35 ألف شخص على مدى 12 عاما، وجدت أن تناول علبة واحدة من المشروبات الغازية يوميا قد يزيد خطر الإصابة بالسرطان.

وقال البروفيسور أليسون هودج من قسم علم الأوبئة والسرطان بمجلس السرطان “لقد فوجئنا بأن زيادة خطر الإصابة بالسرطان لم تكن مدفوعة بالكامل بالسمنة”.

وأضاف “حتى الذين لا يعانون من زيادة الوزن يتعرضون لخطر متزايد إذا شربوا بانتظام المشروبات الغازية. لكن لم تكن هذه هي الحال بالنسبة للذين شربوا مشروبات غازية دايت، مما يشير إلى أن السكر هو العامل الرئيسي”.

وقال تود هاربر الرئيس التنفيذي لمجلس السرطان في فيكتوريا إن هذه النتائج قدمت سببا آخر للناس لخفض استهلاكهم من هذه المشروبات.

وقال “من المعروف بالفعل أن المشروبات السكرية تسبب السمنة، مما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بـ13 نوعا من السرطان”.

لذلك يوصى بعدم استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، والاستعاضة عنها بالماء أو المشروبات غير المحلاة، مثل الشاي أو القهوة دون إضافة سكر إليها. في المقابل هناك أدلة على أن القهوة ربما تحمي من سرطان الكبد وسرطان بطانة الرحم.

النقانق أيضا ترتبط بالسرطان


النقانق تنتمي إلى عائلة كبيرة من الأطعمة تسمى اللحوم المعالجة، مثل اللحم المقدد والمرتديلا واللحم المدخن، وقد عولجت اللحوم المصنعة إما لإطالة عمرها الافتراضي أو تغيير طعمها، ومن طرق المعالجة إضافة الملح أو المواد الحافظة أو التدخين.

المواد الكيميائية التي تدخل في معالجة اللحوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ويمكن أيضا للطهي على حرارة عالية -مثل الشواء- أن يؤدي لتكون مواد كيميائية مسرطنة.

في عام 2015، أعلن خبراء منظمة الصحة العالمية أن اللحوم المعالجة يمكن أن تصيب الإنسان بسرطان الأمعاء، كما أن اللحوم الحمراء تعتبر سببا مرجحا للمرض.

ووضع تقرير للوكالة الدولية لأبحاث السرطان -ومقرها باريس وتتبع منظمة الصحة العالمية- اللحوم المعالجة مثل النقانق في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض، والتي تشمل أيضا التبغ والأسبستوس “الصوف الصخري” ودخان الديزل، وقال إن هناك أدلة كافية تثبت صلتها جميعا بالسرطان.

وفي تحليل لأكثر من ثمانمئة دراسة علمية مستقلة، قالت مجموعة من المتخصصين بأبحاث السرطان إن تناول خمسين غراما كل يوم من اللحوم المصنعة يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 18%.

كما صُنفت اللحوم الحمراء -التي تشمل لحوم الأبقار والعجول الصغيرة والخنزير وجميع اللحوم المأخوذة من الأنسجة العضلية للحيوان- باعتبارها “مواد مسرطنة محتملة للإنسان”، كما لوحظ أيضا وجود ارتباط بين استهلاك اللحوم الحمراء وسرطان البنكرياس والبروستات.

من جهتها، توصي الجمعية الأميركية للسرطان بنظام غذائي يحد من اللحوم المصنعة واللحوم الحمراء، ويكون غنيا بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة.

دراسة أخرى نشرت عام 2018، وجدت أن تناول قطعتين من النقانق في الأسبوع قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي.

وأجرى الدراسة باحثون بقيادة البروفيسور جيل بيل، من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة، ونشرت في المجلة الأوروبية للسرطان، وشملت أكثر من 260 ألف امرأة.

ووجد الباحثون أن خطر الإصابة بسرطان الثدي زاد بأكثر من الخمس عند اللواتي تناولن أكثر من تسعة غرامات من اللحوم المعالجة يوميا، أي ما يعادل قرابة قطعتين من النقانق يوميا.

وبذلك يمكن أن نقول إن المشروبات الغازية والنقانق التي ذكرها صاحب الفيديو تزيد خطر الإصابة بالسرطان، ويكون تجنبهما الخيار الأفضل للصحة.

المصدر : وكالات, مواقع التواصل الاجتماعي, مواقع إلكترونية

زر الذهاب إلى الأعلى