أخبار الدار

تحليل إخباري: قتل السائحتين.. يفتح جراح الإرهاب في المغرب

الدار/ سعيد المرابط

مشهد مقتل السائحتين الأوروبيتين، الدنماركية لويسا فستراجر جيسبرسن،24 عاما، والنرويجية مارين يولاند،28 عاماً، في منطقة معزولة قرب إمليل على الطريق إلى قمة جبل توبقال؛ أعاد إلى أذهان المغاربة، تاريخ البلد مع ضربات التطرف والإرهاب الموجعة، وهي قائمة من الهجمات الرئيسية، التي سجلت صفحة من الوفيات، والضحايا، منذ العام 1994.

أطلس أسني.. مراكش 1994

شهد غشت سنة 1994، مقتل اثنين من السياح الاسبان، وجرح آخر، في اطلاق للنار ببهو فندق “أطلس أسني”، بمدينة مراكش. 
وكان الهجوم من عمل الجماعة الإسلامية “كلكال”، المكونة من مهاجرين مغاربيين في فرنسا، والتي ارتكبت عدة هجمات في طنجة والدار البيضاء وفاس.

أحداث الدار البيضاء 2002

لملم المغرب جراحه، ورتق ما فرقته الهجمات، طوال ثماني سنوات، لكن شبح الإرهاب كان يترصده، حتى جاء فبراير 2002، حيث شارك فصيل من “حركة السلفية الجهادية”، في جريمة قتل، في حي شعبي في الدار البيضاء، أودت بحياة فؤاد قردودي، بسبب شرب الخمر، الذي “يحرم استهلاكه الدين الإسلامي”، فكان أن عمدت المجموعة المتطرفة، إلى تصفيته.

لم تمضي تلك السنة، حتى شهد غشت 2002، اعتقال يوسف فكري، في طنجة، زعيم الجماعة الأصولية لـ “الهجرة والتكفير”، الذي اعترف بقتل ستة أشخاص، لعدم احترامهم لمبادئ الإسلام، كما ينسب اختفاء 154 شخصًا آخر إلى ذات المجموعة التي كان أميرها، وفقًا لمصادر الشرطة.

فندق فرح.. الدار البيضاء ماي 2003

وقتل 45 شخصا، بينهم خمسة من الإسبان، في سلسلة من التفجيرات الانتحارية، شهر ماي 2003، في الدار البيضاء، بفندق فرح، و“كاسا  إسبانيا”، مطعم إيطالي مجاور لقنصلية بلجيكا، التحالف الإسرائيلي ومقبرة يهودية سابقة .
في “كاسا إسبانيا” مات 23 شخصًا، بينهم أربعة إسبان، ثلاثة فرنسيين وإيطالي واحد. 
وألقي القبض على ثلاثة آلاف على الأقل من الأصوليين، على خلفية الهجوم، واتهم آلاف من هؤلاء بالتورط في الهجمات، وحكم على 17 منهم بالإعدام.

أحداث الدار البيضاء 2007

اتشحت الدار البيضاء، بسواد الحداد، مرة أخرى، في مارس2007، حزنا على هجوم انتحاري، جرح فيه شخصان جراء انفجار قنبلة في مقهى إنترنت، في حي سيدي مومن، بالدار البيضاء. 
وكان الإنتحاري الذي لقي مصرعه في الهجوم، هو عبد الفتاح الرايدي، الذي حكم عليه في عام 2003 بالسجن لمدة خمس سنوات لكنه خرج بعفو عنه عام 2005، واعتقل حوالي ثلاثين مشتبهاً بهم على خلفية ذلك الهجوم.


وفي أبريل 2007، كانت عدة انفجارات، على موعد مع الدار البيضاء، تسببت في مقتل أربعة إرهابيين وشرطي، في حين أصيب خمسة عشر شخصا، وقد نُسبت الوقائع إلى إرهابيين إسلاميين.
وفي وقت سابق من ذات الشهر، قام اثنين من الإنتحاريين بتفجير قنابل كانت معلقة على أجسادهم، عندما طاردتهم الشرطة، وسط مدينة الدار البيضاء، وعلى بعد مسافة قصيرة من “مركز اللغة الأمريكي”، وهو مركز رسمي معتمد من لدن السفارة الأمريكية في المغرب .
وفي غشت 2007، أصيب مهندس شاب عندما حاول تنفيذ هجوم على حافلة سياحية في مكناس، باستخدام قنبلة غاز، وأدين بمحاولة الهجوم تلك إلى السجن مدى الحياة، كما تم القبض على عدة أشخاص.

مراكش.. أركانة 2011

وفي 28 أبريل 2011، وقع هجوم مقهى أركانة بواسطة عبوة ناسفة في مدينة مراكش، وراح ضحية هذا الهجوم 16 شخصا مغربيا وأجنبيا، وإصابة 20 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة، وكان من بين القتلى 7 أشخاص فرنسيين، واثنان من كندا، وهولنديان، وحكم بإعدام المتهم الرئيسي عادل العثماني، وبالسجن المؤبد في حق المتهم الثاني حكيم بلمداح، في حين قضت المحكمة بالسجن 4 سنوات، في حق كل من عبد الصمد بطار ووديع سقيريبة وعز الدين الشدادي وإبراهيم شركاوي، والسجن سنتين في حق كل من محمد رضا وعبد الفتاح دهاج ومحمد نجيمي.

2018.. طعنة في ظهر المغرب

وألقت السلطات المغربية القبض على ثلاثة أشخاص يشتبه في تورطهم في مقتل السائحتين، كان لأحدهم سجل قضائي به سوابق إرهابية، بحسب مصادر الشرطة. 
وهناك مشتبه رابع تم اعتقاله يوم الثلاثاء الماضي، على الرغم من أنه لم يتم الإبلاغ عن هويته ولم يتم الإفصاح عن أي صورة له. 
وقد أعلنت الشرطة، أنهم ينتمون إلى مجموعة متطرفة، دون أن تعرض في الوقت الحالي المزيد من التفاصيل.
واعتبر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أن مقتل سائحتين بمنطقة إمليل، بضواحي مدينة مراكش، “طعنة في ظهر المغرب”.
ومن جانبه، استنكر رئيس وزراء النرويج، إرنا سولبرغ، “الهجمات الوحشية والتي لا معنى لها ضد الأبرياء”، معربا عن إدانته لجريمة القتل في حق السائحتين.

المغرب ومواجهة خطر الإرهاب 

ويرى متابعون للشأن الأمني في المغرب، أن الإستراتيجية التي اتبعتها السلطات لمواجهة خطر الإرهاب، حققت نجاحا وإن وصفوه بالنسبي، ويعزى ذلك إلى اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد في التعامل مع الخطر الذي تشكله تهديدات الجماعات المتطرفة، وتنفيذ سياسة أمنية استباقية تتولاها أجهزة أمنية واستخباراتية مشهود لها بنجاعة عملها.
وتتم أيضا محاربة ظاهرة التشدد الديني، من خلال ما يعرف، بسياسة إعادة هيكلة الحقل الديني، إذ تم تأطير الأئمة والوعاظ وفق منهجية تعتمد الوسطية وتخاطب الناس بطريقة مبسطة.
ووفقا لأرقام رسمية من وزارة الداخلية، فمنذ عام 2002، اعتقلت الأجهزة الأمنية أكثر من ثلاثة ألف شخص، وفككت 185 خلية إرهابية في البلد، منها حوالي خمسين ترتبط بالصراعات في أفغانستان والعراق وسوريا ومنطقة الساحل.
وفي العام 2014، شدد المغرب قانون مكافحة الإرهاب الخاص به، لمعاقبة الذين ينضمون أو ينوون الانضمام إلى الجماعات الجهادية داخل البلاد أو خارجها؛ وفي العام التالي، أنشأ المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (BCIJ) الذي ينكب على مكافحة الإرهاب، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة في البلاد.
ويعتبر المغرب واحداً من الدول العربية القليلة التي لم تتعرض لأي هجمات إرهابية في السنوات الأخيرة، ويعود تاريخ آخر هجوم إلى أبريل 2011 عندما انفجرت قنبلة في مقهى “آركانة”، في ساحة جامع الفنا الشهيرة في مراكش، إذ نجح المغرب في الحيلولة دون تكرار ما حدث، ولم تسجل من يومها اعتداءات إرهابية بالحجم نفسه، فقد تم إفشال عدة عمليات كان يخطط لها.

من جهة أخرى، ورغم كل الجهود المبذولة، لم يستطع المغرب بعد، القضاء على الفكر المتشدد والمتطرف، الذي تغلغل في أوساطه، نظراً لعدة أسباب، من بينها أن الشباب المغربي ما زال لا يثق في الخطاب الديني الرسمي، لذلك لا يتأثر كثيراً بعملية الإصلاح والهيكلة، ليظل الإنترنت اليوم هو المصدر الأكبر للخطاب الديني، بالنسبة للشباب المغربي.
ورغم وجود نوع من الثقة في الأجهزة الأمنية المغربية من قبل عواصم أوروبية، كباريس ومدريد وبروكسل، التي لديها اليوم اتفاقيات تعاون أمني مع الرباط، إلا أن التشدد لا يزال هنا وهناك، في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى