الرأيسلايدر

“ارحل” للخلفي..هل حانت ساعة الإسلاميين؟

الدار/ افتتاحية

المشهد الذي ظهر فيه وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي يهرول مغادرا أحد الأسواق الشعبية بحي التقدم بالرباط تحت صراخ الشباب الذين يطاردونه بشعار “ارحل” يرسل إشارات رمزية مقلقة لمنتخبي حزب العدالة والتنمية.
هذه المطاردة التي اعتبرتها النائبة البرلمانية آمنة ماء العينين، مقلقة وغير متحضرة، لا تخلو من دروس ثمينة قد يستخلصها بعض عقلاء الحزب بينما قد يوظفها البعض توظيفا سياسويا ضد الخصوم علما أنها كانت مشهدا عفويا لمسؤول حكومي سابق وجد نفسه أمام جموع شعبية تقول له “لماذا لم تزرنا عندما كنت وزيرا؟”.
هذا المشهد الذي يأتي في سياق سياسي يتميز بقدر كبير من الحساسية على مبعدة عام فقط من الانتخابات التشريعية يعيد طرح التساؤل حول المستوى الذي بلغته شعبية حزب العدالة والتنمية. هناك مؤشر انتخابي واضح يؤكد أن هناك تراجعا كبيرا في هذه الشعبية تجسده الانتخابات الجزئية التي دخلها الحزب منذ 2017 وخسرها جلها إن لم نقل كلها. هذه هي الدلالة التي لم توفق ماء العينين إلى التقاطها وهي تعلق على مشهد طرد مصطفى الخلفي، الذي لا يمثل بالمناسبة ديناصورا سياسيا وحزبيا حتى نقول إن ما حدث معه يمكن أن يحدث مع أي مسؤول حكومي أو حزبي آخر.

فمصطفى الخلفي يبقى في نهاية المطاف وزيرا شابا وأمامه مشوار طويل. هذا يعني أن مطاردته في حي شعبي بتلك الطريقة التي لا تخلو من الغضب والغيظ هي رسالة احتجاجية موجهة لحزبه الذي يقود الحكومة الثانية على التوالي، وربما أخفق في نظر أولئك المحتجين الغاضبين في الوفاء بكثير من وعوده لهم.
ولا يستطيع مسؤولو الحزب الإسلامي أن يتجاهلوا هذه الرسائل وهم الذين يقدَّمون باستمرار كهيئات ومنظمات تمتلك وجودا شعبيا مؤثرا على الأرض. وفي طيات الخطاب السياسي الذي يروجه سعد الدين العثماني منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة الكثير من الرسائل الضمنية والصريحة التي تحاول مقاومة فرضية تراجع شعبية الحزب بانتقاد ما يسميه رئيس الحكومة باستمرار “خطاب التيئيس والتبخيس”.
هذا الحرص المبالغ فيه من العثماني على سرد المنجزات، التي تحول بعضها إلى نكات ومشاهد كاريكاتورية، يبين أن هناك وعيا دفينا لدى قياداته بأن الولايتين الحكوميتين اللتين قادهما أثرتا وستواصلان التأثير على ذلك الرصيد الذي كان الحزب يفتخر به في حملته الانتخابية الأخيرة والتي قبلها. ومن الواضح أن حديث الإسلاميين عن اكتساح آخر في انتخابات 2021 ليس تطمينات للمخاوف الداخلية التي بدأت تتنامى منذ أن حكومة بنكيران ومن بعدها حكومة العثماني الإذعان لإملاءات البنك الدولي في رفع الدعم عن المواد الأساسية ومراجعة أنظمة المعاشات بما خلفه ذلك من تأثيرات مؤلمة على الطبقة الوسطى والفقيرة. والذين طاردوا الخلفي بشعار “ارحل” هم أساسا من قلب الطبقة محدودة الدخل التي كان الحزب يدعي أنه جاء لخدمتها.

زر الذهاب إلى الأعلى