الرأيسلايدر

أبيض أسود يكتبه للدار محمد بنيس

شغب الملاعب بين الرباط ..مصر وآسفي.؟

..هل نتعامل مع شغب الملاعب على أنه إسقاط نفسي ..لبعض أفراد المجتمع ..أم نتعامل معه أنه نوع من احتجاج لكنه ارتدى ثوب العنف ..أم أنه غضب فئوي أفرز مؤشرا شرسا ..أم نبحث له عن أسباب أخرى ..

وأعتقد أن هذا المضمون يحتاج توصيات علمية من طرف أخصائيي علم الاجتماع و غير قابل للاجتهادات و البحث عن مصطلحات و شعارات ربما تكون خاطئة من وجهة نظر علمية إجتماعية ومن وجهة نظر قانونية ..لأن المشاغب هو خارج عن القانون و المشرع وضع حسب الحالات العقوبات الزجرية ..بمعية الأمن الذي يقوم بواجبه ويحاصر المشاغبين و يعتقل بعضهم و يحقق و يتوصل إلى حقائق و نتائج و يقدمها للقضاء ..فما المشكلة إذن ..مجموعة من الأفراد قاموا بالشغب و كسروا و اعتدوا على أبرياء وألقي عليهم القبض وحقق معهم و قدموا للقضاء و..القوانين هي الفاصلة هنا مثلما هي الفاصلة ضمن كل الخروقات و الانحرافات و الجرائم ..

هنا نتساءل هل شغب الملاعب ظاهرة ..الجواب أنها نادرة ..أي لا تحدث في كل الملاعب و لا تحدث في كل المباريات ..و الاستثناء إذا تكرر يؤشر لاقتراب الظاهرة ..لذلك تلج العملية في خانة الاستباقية ..أو بالمفهوم العادي الوقاية ..لأنها أصبحت تشكل تهديدا صريحا لأمن و سلامة جماهير غفيرة من المواطنين..فوجود مجموعة صغيرة من هؤلاء المشاغبين في ملعب يمتلئ في متوسطه بعشرين ألف متفرج تعد بشكل أو بآخر قنبلة موقوتة يشكل انفجارها إفسادا لكل شئ ..للفرجة ..للسلامة ..و يعرض حياة العديدين لخطر محدق و إلى رعب حقيقي عل الأنفس و الممتلكات ..

وسيرتفع مؤشر هذا الرعب لدى الأسر التي يرتاد بعض أبنائها الملاعب ..عندما يعرفون أن بعض المشاغبين يصحبون معهم الحجارة و السكاكين ..و أن بعض المدرجات يتم فيها تناول الخمر و استعمال المخدرات ..و جلهم من الشباب ..يا إلهي …

كان من السهل علي استعمال عبارات متداولة ..مستهلكة ..وأن شغب الملاعب يعكس المتغيرات المجتمعية..أفرزت تناقص القيم والمبادئ و الممارسات الأخلاقية ..وليست سوى نتاج تعليم و تربية خاطئين..و نتاج فقر و أمية و ما ترشه دور القصدير و البراريك من انعدام قيم و انحراف و جرائم لا تعد و لا تحصى .. و..أو أستعمل الشك و الشك هنا من حسن التدبير و أتساءل ..هل هناك من لهم مصلحة في تحريك و استفزاز هؤلاء المشاغبين ..هل هناك فعل سياسي خلف التحريك ..و معه أن هناك الكثير من السوء في المغرب ..و هذا الفعل موجود و يتنامى عبر وسائل الاتصال و الوسائط الاجتماعية ..بشكل مباشر أو غير مباشر ..هدفه واضح هو إفساد الذوق العام ..إفساد القيم و المبادئ الأخلاقية..إفساد السلوكيات الطيبة المتجدرة في روح و عقل المغربي الأصيل ..و التي كانت مضرب أمثال لشعوب كثيرة أقربها جيراننا ..إفساد مناخ ديموقراطي و تنميه جادة و آفاق واعدة ..و الأهم قبل المهم أنه يمارس تشويها خطيرا لكل شئ و أي شئ ..

من أجل هذه القناعة الصغيرة ..سأحصر موضوع شغب الملاعب في طرح بديل جاد للاستباقية ..و لعل دولا أوروبية كثيرة سبقتنا في محاصرة هذه المعضلة ..و مع ذلك سأتفادى أن يرد علي أحدهم و أن ما يصلح في أوروبا قد لا يصلح هنا ..و أسوق مثال تدبير الشقيقة مصر ..فهي على الرغم من تعرضها لإرهاب منظم من الاخوانيين أو غيرهم فقد خاضت التحدي الأمني بنجاح عند تنظيمها لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم الأخيرة ..و انتهجت تدابير أمنية ابتداء من اقتناء بطائق الدخول إلى التفتيش بطرق مبتكرة ..إلى المراقبة الدقيقة لكل محيط الملاعب بالكاميرات ..إلى …و إلى ..و قد يقول مجادل أن الأمر هنا يختلف ..فالارهاب ليس هو الشغب ..و التظاهرة ليس هي المباراة المحلية ..ربما ..إنما هذه جريمة و هذه جريمة ..فالذي يوجد في الملعب و معه سكاكين و حجارة لم يذهب للتفرج أو النزهة ..فالسكين أداة قتل و الحجارة كادت تيتم أسرة مصور صحفي ..و العديد من الأسر بمن فيهم بعض رجال الأمن أنفسهم..و كان الجميع يؤدي واجبه برضا نفس .

..الأهم ليس في الفارق بين رعب و رعب أكبر منه و لكن في الاستفادة من تجارب الآخرين و قد تصادف أن بعض جزئيات هذه التجربة قد لا يصلح هنا فليس هناك إشكالية ..يتم تفاديه و انتهى الأمر ..

لقد راقني جدا ما شاهدته..في مدينة آسفي التاريخية العريقة .. خلال لقاء ربع نهائي إياب كأس محمد السادس للأندية العربية البطلة بين أولمبيك آسفي وإتحاد جدة السعودي الشقيق ..فبعد أن سجل البرازيلي رومارينيو هدفا جميلا كان الوحيد في اللقاء و كان لصالح اتحاد جدة و عندما ذهب اللاعبون قرب المدرجات يعلنون فرحتهم تم رميهم بقنينتين أو ثلاث ..كرد فعل غاضب لكنني فوجئت بالعديد من الجماهير المسفيوية تطالب هذه الفئة الغاضبة بالتوقف سواء بالصراخ أو بحركات الأيدي و..فعلا ..توقف .. توقفت بداية انطلاق شغب صغير لولا أخلاق و أصالة باقي الجماهير لتحول إلى شغب آخر..وكم كنت ساعتها فخورا بمغربيتي و بهؤلاء الرجال ..

زر الذهاب إلى الأعلى