ايرانيون يستذكرون “الجنرال الشهيد” أثناء التصويت في الانتخابات
يتعلّم الأطفال في إيران كيف يحاربون الولايات المتحدة وهم لم يتجاوزوا العام ونصف العام كما في حالة إحدى العائلات التي تصوّت في الانتخابات العامة الجمعة.
لكن الرضيع الأشقر الذي حمله جدّه على كتفيه في مركز اقتراع في حسينية الإرشاد التاريخية في شمال طهران لا يبدي أي اهتمام بما يدور حوله.
وقال جدّه محمدي بينما حدّق الطفل في قبّة المسجد المزخرفة وثريّاته الضخمة “اصطحبته هنا لأدرّبه على أسلوب الثورة الإسلامية ولتسديد ضربة للولايات المتحدة”.
وحمل العامل في أحد المصانع والبالغ من العمر 47 عاما محمدي كذلك لافتة تندد بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن انسحاب بلاده بشكل أحادي في 2018 من الاتفاق النووي التاريخي المبرم مع إيران وأعاد مذاك فرض عقوبات على البلاد.
وقال “ترامب أيّها المقامر، جئنا إلى هنا لندلي بأصواتنا”.
وخاطبت اللافتة ذاتها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بالقول “زعيمنا الحبيب، نفتديك بأرواحنا”.
وتأتي الانتخابات التشريعية على وقع ارتفاع منسوب التوتر بين إيران والولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات جديدة على خمسة مسؤولين كبار في البلاد عشية الاقتراع.
ويتوقع أن تكون نسبة المشاركة ضئيلة، مع تأثّر الرئيس حسن روحاني سلبا بتزايد مشاعر عدم المبالاة في أوساط الناخبين، بعدما أعيد انتخابه في 2017 على خلفية تعهّده بمزيد من الحريّات ووعده للإيرانيين بقطف ثمار التعاون مع الغرب.
ولم يغب عن أذهان الكثير من الناخبين القيادي في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، الذي قتل بضربة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة في الثالث من يناير.
ورفع كثيرون لافتات للجنرال الذي كان يحظى بشعبية متعهّدين بالولاء والانتقام.
وذهب مهدي زوجاغي أبعد من ذلك حيث ركب على دراجة نارية امتلأت بالأزهار البلاستيكية. ووضع على مقبضها علما يظهر صورة سليماني في الجنة إلى جانب غيره من الشخصيات الإيرانية البارزة ممن توفوا بمن فيهم آيه الله روح الله الخميني.
وأظهرت الجهة الأخرى صورة الجنرال وقد كتب عليها “أنا كذلك جندي من جنود الجنرال قاسم سليماني”.
وقال رجل الأعمال البالغ من العمر 85 عاما “أتيت لأقول للعدو إن الشهيد سليماني حي وسيبقي حيا”، متحدثا في مسجد تم تحويله إلى مركز اقتراع في حي خراسان الذي تقطنه الطبقة العاملة في جنوب طهران.
وعلى مدخل مسجد لرزاده، وضعت لافتة ضخمة تظهر سليماني مع بقع من الطلاء الأحمر.
وكتب تحتها شعار بسيط مفاده “سيمحي دم الشهيد سليماني إسرائيل من وجه الأرض”.
لكن آخرين أبدوا قلقا أكبر بشأن قضايا أساسية أكثر على غرار البطالة وتكاليف المعيشة في البلاد.
وقال حسيني أوخاش (18 عاما) بعدما أدلى بصوته لأول مرّة “البطالة مشكلة كبيرة. يلجأ الكثير من الشباب إلى المخدرات”.
وقال كثيرون إنهم يشاركون في الانتخابات لأن خامنئي قال لهم إن التصويت “واجب ديني”.
وقال النائب المنتهية ولايته إلياس حضرتي إنه أدلى بصوته رغم أنه خسر حق الترّشح مجددا.
وأكد “استبعدني مجلس صيانة الدستور (من قائمة المرشحين) على خلفية (…) نقص الالتزام المادي للجمهورية الإسلامية”.
ويتنافس نصف المرشحين الـ16033 فقط على 290 مقعدا بعدما استبعد مجلس صيانة الدستور الآلاف، معظمهم من المعتدلين والإصلاحيين.
وبدا أحمد (30 عاما) في حيرة خارج المسجد وقال إنه سيقاطع الانتخابات للمحافظة على الهدوء في منزله. وأفاد “قالت لي زوجتي: سأقتلك إذا صوّت”، مضيفا أنها “تكره هذه الحكومة”.
وتابع “إنها تقتل أبرياء. خسرنا كل شيء ولم يعد هناك ما نخسره”، مشيرا إلى التظاهرات الواسعة التي خرجت ضد رفع أسعار الوقود في نوفمبر وردت عليها السلطات بعنف.
وأضاف “خسر كثيرون ثقتهم وإيمانهم” بالحكومة القائمة.
المصدر: الدار ـ أ ف ب