المواطنسلايدر

بين فيروس “كورونا”.. وفيروس الإشاعة..

الدار/ رضا النهري:

من أبرز عيوب الإشاعة، أنها مستعجلة، مع أن الإشاعة كلها عيوب، لكن الاستعجال يفضحها أكثر مما تفضحها عيوبها الأخرى.

عندما تعلن حكومات بلدان معينة عن حجم الإصابات بفيروس “كورونا”، فإنها تفعل ذلك ليس من باب إفزاع مواطنيها، بل من باب تبليغهم الحقائق وحثهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة، ففي حالات العدوى فإن الاحتياطات أهم ما يمكن اتخاذه، وبعدها يأتي العلاج.

ويبدو أن بعض المختلين في المغرب، من هواة نشر الإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صاروا يستعجلون الكشف عن أول حالة للفيروس في البلاد، وكأنهم يستعجلون الحصول على مجد قل نظيره، مع أن الموضوع جدي وخطير.

وصول الفيروس إلى أول بلد يسبب القلق، وانتشاره يسبب قلقا أكثر، لكن نشر الإشاعات حول انتشار الفيروس في بلد ما يعد أخطر من الفيروس نفسه، والذين يقومون به يحتاجون إلى العلاج من فيروس أخطر، وهو فيروس السادية، التي تجعل منهم مخلوقات تستمتع بإيقاع الأذى بالآخرين وتعذيبهم، نفسيا، وأحيانا جسديا.

ومنذ عدة أيام يتسابق هؤلاء المختلون على نشر إشاعات من مختلف الأشكال والأنواع حول ما يسمونه “وصول فيروس كورونا إلى المغرب”، إلى درجة تناقل وثيقة مزورة على أنها صادرة عن جهة رسمية تعترف بوصول الفيروس.

هذا الفيروس وصل إلى أغلب بلدان العالم، ووصوله إلى المغرب مستقبلا قد يكون تحصيل حاصل، لا قدر الله، ومع ذلك فإن استباقه بالإشاعات يبدو أمرا مستغربا بالنظر إلى أن هذا الفيروس ليس موضوع مزاح، رغم أن عشرات النكات تم ابتكارها حوله مؤخرا.

ما يحتاجه الناس حاليا ليس ترويج الإشاعات عبر وسائط التواصل الاجتماعي، بل ترويج سبل الوقاية منه، وتبادل النصح حول أجدى الطرق لمنع انتشاره، من بينها أن يتوقف الناس، ولو مؤقتا، عن تبادل تلك القبل الكثيرة في أي لقاء بينهما، وربما تكون هذه المناسبة فأل خير حتى نتخلى عن هذه العادة السيئة إلى الأبد.
عموما.. الشعوب الناضجة هي التي تعرف التعامل مع أوقات الشدة، وليست تلك التي تنكل بالذات.

زر الذهاب إلى الأعلى