نساء

باحثة مصرية: الأمثال الشعبية العربية تكرّس العنف ضد المرأة

أكدت دراسات ميدانية  للدكتورة المصرية، نجاح التلاوي، الباحثة  في علم الاجتماع ،  أن ظاهرة العنف ضد المرأة والتمييز ضدها يعتبر جزءً لا يتجزأ من هموم المجتمع كله، فهي ليست قضية تحرير أو مساواة مع الرجل، ولا مجرد أمور تتصل بالأسرة، والأحوال الشخصية، ولا هى قضية تعليم، وعمل وحقوق معينة، لكنها قضية الاتجاهات الاجتماعية، المستمدة من العادات والتقاليد، والقيم السائدة فى المجتمع، والتى قد تساهم بطريقة أو بأخرى فى النيل من إنسانية المرأة، أو التميز ضدها، أو تقييدها، أوإستبعادها، أو المساس بحقوقها الشخصية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، على أساس النوع.

وبناءً عليه فالثقافة هي التي تحدد أدوار الجنسين، ففى الوقت الذى تدعو فيه بعض الأيديولوجيات الثقافية، على نحو متزايد، إلى تعزيز الحقوق الإنسانية للمرأة والدفاع عنها، فإن ثمة أعرافاً وتقاليداً وقيماً دينية فى العديد من المجتمعات، تستخدم لتبرير العنف ضد المرأة، والسيطرة عليها من خلال إستراتيجيات مختلفة.

وبجانب أن الثقافة هى التى تحدد أدوار الجنسين، فالثقافة هى التى تحدد درجة تقدم المجتمعات ودرجة تخلفها، وذلك من خلال تمسك مجتمع (ما ) بقيمه وعاداته ، التى قد تفرز جيلاً يعتنق العنف، ويعتبره هو الوسيلة الوحيدة والأهم فى تحقيق أهدافه والحصول على رغباته، فالمجتمع بعاداته وتقاليده الذى أعطى للرجل حقوق السيطرة على المرأة، هذا المجتمع نفسه هو الذى أعطى المرأة قناعتها،  بأن توافق على عنف الرجل، كل ذلك وغيره نتيجة رسوخ العادات والقيم المتوارثة فى المجتمع والتى قد تطغى على الدين والشريعة أحياناً.

بهذا تلعب الثقافة دوراً هاماً فى تكريس العنف ضد المرأة،  حيث تشكل الفكر الذى يجعل الرجل أفضل من المرأة وتمنحه الحق فى الرأى والسلطة، مما يؤيد ممارسة الإساءة  نحو المرأة باعتبارها شكلاً من أشكال الرجولة، بل قد يصاب الرجل بالخجل إذ ما عرف عنه أن زوجته لا تخشاه أو أنه ضعيف.

لافتة التلاوي ، إلي أن الدراسات الميدانية والبحثية ، قد أكدت  أن الرجل عموماً الذى نشأ فى كنف الثقافة الذكورية ، يرغب دائماً أن يكون هو السيد والمسيطر، تلك الثقافة نشأت من خلال الموروث الشعبى المتمثل فى العادات والقيم التى يعتنقها مجتمع (ما ) ، دون محاولة منه لتغييرها أو تطويرها بما يتناسب مع تطور المجتمع، حيث لم يستطع التطور التكنولوجى أن يغير كثيراً من عادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية ، وخاصة نظرة الرجل الشرقى للمرأة حتى وقتنا هذا،  حيث تعد العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية من أهم الأطر الثقافية التى تقدم سنداً أو تبريراً للعنف ضد المرأة ، فضلاً عن القيم العشائرية والثقافة الذكورية،  التى تُعلى من شأن الرجل ، وتعامل المرأة بدونية ، وتصنفها فى الدرجة الثانية من السلم الإنسانى، فى ممارسة العنف .

 ويعد المثل الشعبي العربي، أحد الروافد الهامة ، فى تحديد بنية الثقافة السائدة ، والذى يحمل الكثير من المضامين التى تكرس قيماً ومعاييراً تدعو إلى قهر المرأة وتحجيم دورها وتحقير شأنها فى الأسرة، بل وفي المجتمع عموماً ، ويمتلئ الثراث الشعبى بالأقاويل والأمثال ، التى تدعم صور العنف ضد الأنثى منذ ميلادها حتى وفاتها، فمنها ما يحقر ولادتها كأنثى ، ومنها من يعدها عورة ويجب وآدها أو تزويجها، ومنها من يستخف برأيها، وتأخرها فى الزواج.

ولهذا يتضح أن ثقافة أى مجتمع تسيطر عليها العادات والتقاليد والقيم والأمثال الشعبية البالية، وتعتبر ثقافة تحض على النظرة الدونية للمرأة باعتبارها من الدرجة الثانية فى السلم الاجتماعى، ولذا فهى تعانى من القهر والحرمان وفقدان الفرص التى تعبر عن إمكانياتها الحقيقية، و التى تكفل لها مشاركة الرجل جنباً إلى جنب لتحقيق التنمية.

واقترحت   التلاوي ، في نهاية دراستها ، ان يتجه  الإعلام ، إلي تسليط الضوء من خلال الدراما التليفزيونية ، على المشاكل التي تعانى منها المرأة في المجالات المختلفة ، إلى جانب توعية المرأة بحقوقها القانونية والاجتماعية ، وحثها على المطالبة بها ، وكذلك الإعلان من خلال البرامج الحوارية والثقافية ، عن الجهات التي يمكن أن تساند المرأة في الحصول على حقها ، مع عرض نماذج من جهود هذه الجهات في حل مشكلات المرأة المختلفة.

المصدر: الدار – موقع EGYSAUDI.COM

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى