الدار/ افتتاحية
القائمة السوداء للفاشلين في التعاطي بشكل وطني ومسؤول مع أزمة تفشي فيروس “كورونا” تتسع يوما عن يوم. وبالأمس ظهر بطل جديد من أبطال هذه القائمة السوداء جسده تجار الدين والرقية الشرعية والفهم الخاطئ والمتخلف للدين. فقد أظهرت مشاهد المسيرات والتجمعات التي شهدتها مدن طنجة وفاس بالأمس للتكبير والتهليل ورفع أكف الضراعة بالدعاء درجة المقاومة الشرسة التي تمارسها التمثلات الرجعية للدين عند بعض الفئات الشعبية، التي أصرت على خرق الحجر الصحي، وتحدت كل التوجيهات والإنذارات التي وجهتها السلطات العمومية للساكنة من أجل البقاء في البيوت درء لانتشار فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد 19.
وبعد عدة أسابيع من بداية هذه الأزمة التي أثارها انتشار الفيروس في عدد من بلدان العالم، وعلى الرغم من نجاح حملات التوعية والتحسيس في خلق جو من التعبئة الوطنية حول هذه الأزمة، إلا أن جيوب المقاومة الرجعية التي لا تزال تروج الفهم المغلوط للدين، وللقضاء والقدر، ومعنى الدعاء وشروطه، تنسف كل المجهودات التي بذلت، وتلقي بالمغاربة في أتون كارثة صحية لا قبل للمنظومة الطبية بها. وقد أثار خروج هؤلاء الشباب والنساء في بعض المدن للتكبير والتهليل والدعاء امتعاضا كبيرا في شبكات التواصل الاجتماعي، وخلق موجة من الغضب حيث ارتفعت المطالب بمحاسبة المتورطين في تعبئة المواطنين المغفلين وإخراجهم من بيوتهم ليلا للتجمهر والتعرض لكل مخاطر العدوى بالفيروس.
وينضاف تجار الدين إلى بعض مروجات التفاهة ممن يدعين ب”المؤثرات” على شبكات التواصل الاجتماعي. فقد دعت إحدى هذه “المؤثرات” التي تدعى “مي فتيحة” في تسجيل فيديو الناس إلى الخروج من بيوتهم، منكرة وجود فيروس كورونا واعتبرت الأمر مجرد شائعة أو كذبة. وقد تعاطت السلطات الأمنية بحزم كبير مع هذه الحادثة حيث تم بسرعة إغلاق قناة اليوتيوب التي تروج فيها المدعوة “مي فتيحة” تفاهاتها كما تم توقيفها وفتح بحث قضائي في الموضوع. وعلى غرار ما حدث مع “مي فتيحة” دشن نشطاء الفيسبوك حملات ضد مجموعة من “المؤثرات” اللواتي تعاملن مع أزمة كورونا بقدر كبير من اللامسؤولية وأظهرن فيديوهات لخرجاتهن في الأسواق فيما اعتبر تحريضا للمواطنين على التسابق إلى المراكز التجارية.
لكن أول الداخلين إلى هذه القائمة كانت هي رابطة التعليم الخاص بالمغرب التي نشرت بيانا صدم كل المتابعين عندما طالب أعضاءها حكومة سعد الدين العثماني بالاستفادة من الدعم المباشر لصندوق تدبير جائحة كورونا، في الوقت الذي كانت فيها كل الجهات والفاعلين والمقاولات تعرض تبرعاتها للصندوق للمساهمة في المجهود الوطني الذي عرف مشاركة استثنائية للجميع. وبينما عبرت الكثير من المقاولات الوطنية والأفراد عن تقديم مبالغ مالية ضخمة لم تتردد الرابطة التي تمثل قطاع التعليم الخصوصي بالمغرب في استغلال هذه الظرفية، علما أنها أكبر المستفيدين من توقف الدراسة.