الدار/ افتتاحية
بعد أن تجاوز عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا 600 حالة، وتأكد التزايد التدريجي لمرضى كوفيد 19 مع تزايد التحليلات التي يتم إجراءها بصفة يومية، تستدعي الأيام القليلة المقبلة المزيد من الحرص والالتزام بالحجر الصحي. فالجائحة بدأت تقترب شيئا فشيئا من ذروتها، التي يفترض بعدها أن تدخل في مرحلة التراجع إذا احترم عموم المواطنين إجراءات الحجر، ورابطوا في بيوتهم بعيدا عن الاختلاط والتجمعات. إننا وسط رهان “تسطيح المنحنى” الذي نريده أن ينزل إلى أدنى مستوياته للخروج من هذه الأزمة الاستثنائية التي نعيشها منذ أسابيع.
فعلى الرغم من كل ما قيل ويقال عن بعض الخروقات المسجلة هنا وهناك من طرف بعض الفئات التي لا تحترم الحجر الصحي، إلا أن المغاربة عموما أبلوا البلاء الحسن، في تضافر غير مسبوق بين جهود الدولة وتفاعل المواطنين. صحيح أن الإمكانات والموارد محدودة ولا ترقى إلى ما تمتلكه بعض الدول العظمى التي تكابد اليوم الأمرين في مواجهة الجائحة، إلا أن عمليات التنسيق واتخاذ القرارات ومجهودات التواصل تظهر بالملموس أن الانتصار على “كوفيد 19” في المغرب أمر ممكن وليس من ضروب المستحيل. لا داعي للتذكير هنا أن خطورة فيروس “كورونا” ترجع بالأساس لعاملين: أولهما أنه سريع الانتشار وشديد العدوى، وثانيهما أنه لا يوجد له علاج ناجع وفعال متعارف عليه في الأوساط الطبية. كل ما يقدم اليوم من علاجات هي مجرد اجتهادات مستعجلة لمواجهة نزيف الوفيات خصوصا بين فئات المسنين وذوي الأمراض المزمنة.
ولهذين السببين يتعين على المواطنين المغاربة أن يواصلوا رباطهم في بيوتهم ملتزمين بالحجر الصحي. ويناط بالفئات الشابة اليوم مسؤولية كبيرة في هذا السياق، فبعضهم لا يزال يعتقد أنه غير معني بالعدوى أو بخطورة المرض، بدعوى أنه يتمتع بمناعة طبيعية قوية، والحال أن كل الإحصاءات التي تم إجراؤها في البلدان الموبوءة جدا كالصين وإيطاليا أن “كوفيد 19” لا يميز بين الصحيح والمريض، أو بين القوي والضعيف. كما أن هؤلاء الشباب الذين يغامرون بصحتهم بالخروج والتجمع إنما يمثلون قنابل موقوتة بالنسبة لآبائهم وأمهاتهم وأجدادهم بسبب احتمال نقل العدوى إليهم ومن ثمة إلحاق الضرر بهم وربما التسبب في وفاتهم.
إن رهان التغلب على جائحة فيروس “كورونا” يسائلنا جميعا، صغارا وكبارا، رؤساء ومرؤوسين، ويخاطب فينا حس الوعي والمسؤولية، باعتبار أن أنجع سلاح لمواجهة هذا الوباء هو الوقاية منه، ومحاصرته إلى أن تنطفئ جمرته. ومن هنا فإن الالتزام بتاريخ 20 أبريل كموعد أولي لنهاية مرحلة الحجر الصحي، يعتبر هدفا مشتركا بين كافة المغاربة اليوم، الذين يعيشون مرة أخرى فرصة تاريخية لإثبات وحدتهم ووطنيتهم ورقيهم عندما يتعلق الأمر بتهديد جماعي يستهدف أمنهم وصحتهم. لقد اتخذت الدولة إجراءات احترازية مبكرة، ووضعت اقتصاد البلاد وسمعتها على كفة، وصحة المغاربة وسلامتهم على الكفة الأخرى، فرجحت كفة الصحة والسلامة، فأصبح من مسؤولية الأفراد اليوم أن لا يهدروا كل الجهود التي بذلت، ويهدموا كل ما تم بناءه منذ بداية شهر مارس المنصرم.