الدار/ رضا النهري:
أنهى المغاربة الأسبوع الثالث في الحجر الصحي المفروض بسبب تفشي وباء “كورونا”، وبدا أن البعض يتكلمون عما يعتبرونه طول الحجر ورغبتهم في الانعتاق منه، وهذا ما يمكن أن يعتبر قلة نضج، إن لم يصل إلى درجة الحماقة.
وقبل بضعة أيام فقط قرر البرلمان الإسباني تمديد الحجر الى نهاية أبريل، وقال رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، انه من الأكيد ان الحجر سيتم تمديده نهاية الشهر مجددا، وأنه سيطلب تمديدا آخر الى غاية منتصف مايو.
لن نكون مختلفين كثيرا عن جيراننا الإسبان، ومن الأكيد أن سلامتنا تقتضي ان نكون متفهمين للوضع السائد حولنا، فما نقوم به حاليا ليس تضحية بلا معنى، بل تضحية من أجل أنفسنا ومن أجل الآخرين، وأيضاً تضحية في الحاضر من أجل المستقبل.
الذين تتفتحت شهيتهم لكسر الحجر الصحي ربما عليهم أن يمارسوا بعض الخيال، وهو خيال سيء طبعا، ويتخيلوا أولئك المساجين الذين يقبعون في السجون لسنوات طويلة، في زنارين ضيقة، أو مع رهط من البشر، مع معاناة يومية كلها حرمان وتوق إلى الحرية.
ماذا سيبضير، إذن، ان نصبر لشهرين أو ثلاثة، عوض أن نتمرد على الصبر فيتمرد علينا الفيروس، وسيكون، لا قدر الله تمردا غير محسوب العواقب، لأن هذا الفيروس يطور نفسه بصورة مخيفة، والأخبار القادمة من الصين تقول ان البلاد لم تتعاف نهائيا من الفيروس رغم كل الاحتياطات، وإنها من الممكن ان تواجه موجة ثانية من الفيروس أكثر شدة، ، وهذا ما لا يتمناه أحد.
الجميع يعرفون ان أسوأ ما في الحجر الصحي ليس هو الملل، بل هو الضائقة المالية، لذلك عوض ان يعلن البعض إحساسهم بالملل، عليهم أن يكشفوا عن المزيد من الرغبة في التضامن، وألا يمنحوا أية هدنة تسمح للفيروس بالمزيد من التنكيل بنا.
رمضان على الأبواب، وعلى المغاربة أن يستمروا فيما بدؤوه من مبادرات رائعة للتضامن، إنه التحدي الحقيقي الآن، وأي حديث عن الملل او كسر الحجر فهو حديث بلا معنى، بل يفتقر إطلاقا لأي منطق.