من لاجئة سورية إلى طالبة متفوقة في الهندسة الفضائية
الدار/ حديفة الحجام
اخترعت شابة سورية التحقت بكندا مع أوائل موجات اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا سنة 2015 جهازا بإمكانه إنتاج الطاقة الكهربائية ويقوم بشحن الأجهزة الكهربائية وتبريد كابينة طائرات "سيسنا" أثناء الطيران.
صحيح أن شوشي باكاريان وصلت إلى مونريال منذ حوالي ثلاث سنوات تقريبا، لكنها عند الحديث باللغة الفرنسية أو أثناء شرح دروسها الجامعية لتصبح مهندسة في المستقبل، فيبدو وكأنها ولدت هناك. ومن الصعب التصديق أن حربا أهلية والتفجيرات واللجوء سطرت كلها مسار هذه اللاجئة البالغة من العمر 22 سنة.
لقد كانت أم الآنسة باكاريان ووالدها وأختها ضمن الموجة الأولى من اللاجئين الذين شملهم برنامج الاستقبال الذي أطلقته الحكومة الكندية، وكان يتوقع استقبال حتى خمسة وعشرين ألف سوري سنة 2015.
وتتذكر الفتاة أن "مدينة حلب أصبحت جد خطيرة. وكان تمدرستي في مرمى نيران الحرب مباشرة. لم نكن نتوفر على الكهرباء وعلى الماء. واعتادت والدتي انتظارنا كل مساء على شرفة المنزل وطالما تساءلت إن كنا سنعود أحياء إلى البيت. صحيح أني غالبا ما كنت أقص بعض النكات، لكن لم يكن شيء يدعو للضحك".
غير أنه وبالرغم من القنابل والصواريخ التي كانت تحلق فوق رأسها، فقد استطاعت الحصول على دبلوم الدراسات الثانوية في سوريا.
دراسة الهندسة الفضائية
تدرس الفتاة الشابة حاليا في السنة الثالثة من الدراسات الفضائية بجامعة "كونكورديا". وتتحدث الإنجليزية والعربية والأرمينية والفرنسية. واعتادت خلال السنتين الجامعتين الأوليين، العمل في مطعم "ماكدونالدز" لمساعدة أسرتها ماديا.
وتقول بشيء من الابتسام: "كان الأمر مرهقا، حيث كان عليّ الدراسة لدوام كامل وأحيانا أشتغل في ماكدونالدز لثلاثين ساعة في الأسبوع. لكني كنت سعيدة لإيجاد تخصص دراسي يروقني كثيرا، أي الفضاء. أحب إشغال نفسي، ولا أحب البقاء في البيت".
لقد نجحت المرأة الشابة في اختباراتها. فبالإضافة إلى دراستها الجامعة، جرى توظيفها في قسم الفضاء بشركة "بومباردي" وبشركة الطيران "Stratos Aviation". واستطاعت في هذه الأخيرة اختراع "The Venus"، وهو جهاز يشتغل بالطاقة الخضراء، الرياح.
وتؤكد الآنسة باكاريان أنه "في حال الاستمرار في مساري في هذا المجال، سأركز بصورة خاصة على جعل صناعة الطائرات أكثر نقاء وذلك بالتركيز على إنشاء مشاريع مفيدة للبيئة. كما سأحرص على أن أكون نموذجا تحتدي به كل الفتيات في مجال تخصصي".
ما زالت متأثرة
تؤكد الطالبة أنها الآن في حالة جيدة، وذلك بالرغم من كون الحرب في سوريا تركت فيها بعض الجراح النفسية التي لم تندمل بعد. وتؤكد بالقول: "عليّ التقدم نحو الأمام، ولو أن ما حدث أثر فيّ كثيرا. فعلى سبيل المثال، إن حدث وقام أحدهم بتفجير بالون بالقرب مني، فإني أفكر في الحال أنها قنبلة حقيقية".
ويشار أن كندا استقبلت إلى حدود الساعة أربعين ألف لاجئ سوري من أمثال شوشي باكاريان وذلك كنوع من التجاوب مع الأزمة التي تعصف بالبلد الذي ترعرعت فيه.