الدار/ رضا النهري:
قد تكون أكثر الكائنات سعادة هذه الأيام هي الكلاب، ليس تشفيا في سادتها البشر، بل بسبب أشياء أخرى جعلت هذه الكائنات الوفية والمخلصة تعيش أياما استثنائية وتحس أنها كانت فعلا مهضومة الحقوق، بدءا من الصين، حيث سلمت من الذبح والأكل، ولو مؤقتا، وصولا الى شوارع المغرب حيث الكلاب تسرح وتمرح بشكل غير مسبوق.
وفي الصين، وخصوصا في مدينة ووهان، مهد فيروس “كورونا”، تعيش الكلاب سلاما كبيرا بعد أن سلمت من الأكل من البشر، وصار الصينيون يفكرون ألف مرة قبل التفكير في صنع وجبة “شهية” من لحوم هذه الحيوانات الوفية، مثلما سلمت حيوانات وطيور أخرى من موائد الافتراس على موائد الصينيين.
ويبدو الصينيون مجبرين على محاربة السمعة السيئة التي تطاردهم في كل مكان في العالم، اولا لأنهم مهد الفيروس، وثانيا بسبب عاداتهم الغذائية المثيرة والمقززة، والتي لم تكن تمنعهم من سلق كلب حي في الماء المغلي وهو يطلق عواء محزنا.
لكن الكلاب في مناطق أخرى قد تكون اكثر سعادة من الكلاب الصينية، مثلما يبدو في شوارع مدن مغربية، حيث صارت الكلاب تعتبر نفسها سيدة البشر، وساعدتها في ذلك الشوارع الخالية في اغلب الأحيان على هذا الاعتقاد، الذي لم تكن تحسه من قبل.
وفي الحدائق والمناطق الخضراء تتصرف الكلاب وكأنها تكتشف العالم لاول مرة، حيث تقفز وتمرح مع بعضها وكأن الكون صار، فجأة، ملكها، وقد تنبح على البشر حين يقتربون منها، وكأنها تقول لهم “عودوا فورا إلى حجركم الصحي واتركونا في سلام”.
وفي بلدان أوربية، أعطت السلطات حق التجوال للكلاب قبل ان تعطيها للأطفال، حيث انه منذ بداية الحجر الصحي في إسبانيا مثلا، أعطت الحكومة الحق لأصحاب الكلاب بأخذها في جولات يومية غير بعيد عن المنازل، فبي الوقت الذي منعت ذلك بشكل قاطع على الأطفال.
ومما منح الكلاب هذه الحياة الجديدة هو انها مستبعدة من الإصابة بالفيروس، حيث يعرف الناس ألا خطر تحمله، فيتعاملون معها بسلام، وهو سلام تأمل الكلاب أن يتواصل حتى بعد رحيل الفيروس وعودة الشوارع الى الامتلاء.