الرأيسلايدر

التباعد المهني.. مرحلة ما بعد كورونا

الدار/ رضا النهري:

مئات الآلاف من التلاميذ والطلبة المغاربة يقعدون في بيوتهم منذ أكثر من شهر، ومئات الملايين مثلهم في باقي مناطق العالم يفعلون الشيء نفسه، بعضهم يتلقون تعليما او دعما تعليميا عن بعد، وآخرون لا يفعلون سوى انتظار نهاية الحجر الصحي لمعرفة امكانية العودة الى المدارس، ام انه سيتم إشراك الربيع مع الصيف.

ما يجري الآن هو غاية في السوء، لكنه، مثل باقي الاحداث السيئة الكبرى، يحمل في طياته نعمة جنينية ستكبر شيئا فشيئا، وستغير الكثير من الاشياء في العالم، أهمها شيوع ثقافة التعلم عن بعد، حيث سيتاح لملايين الناس إمكانية الاستغناء عن ذلك الروتين اليومي والالتحاق بالمدارس والثانويات والجامعات كل صباح، بحيث سيكونون مضطرين للالتحاق بالمؤسسات التعليمية في فترات الامتحانات فقط.

ما يجري في قطاع التعليم سينطبق على مجالات كثيرة، من بينها قطاع الصحافة، والتي تعاني من انهيار غير مسبوق في مجالها الورقي، مما سيجعل من مسألة حضور الصحافيين الى مجال العمل مسألة لا ضرورة لها، اما في مجال الصحافة الالكترونية، فإنها بدأت منذ وقت طويل في التأقلم مع مسألة العمل عن بعد، حيث يكفي حاسوب في المنزل او في اليد لكي يتاح العمل من أي مكان ونجاعة اكبر.

حتى الآن فإن مئات الملايين من الموظفين في العالم يضطرون للخروج كل صباح نحو أماكن العمل، رغم ان طبيعة مهنهم لا تتطلب ذلك، بل كان بالإمكان ممارسة أعمالهم من منازلهم، او على الأقل إنجاز جزء كبير من هذه الاعمال من بيوتهم، وفي أحيان اخرى يمكن للكثيرين الالتحاق بمقرات عملهم ليومين او ثلاثة فقط في الاسبوع، وهذا سيخفف كثيرا من الازدحام والضغوط النفسية والاجتماعية والأضرار التي تعاني منها البيئة

ما يقوم به الحجر الصحي حاليا هو تدريب الناس على هذا الواقع، حيث سيجدون انفسهم، بعد رحيل الفيروس، أمام واقع مهني واجتماعي جديد، وهو واقع لم يكن ليحدث لو استمرت الأوضاع على ما كانت عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى