عالمة أميركية عن أزمة كورونا: الخفافيش بريئة ونحن المذنبون
الدار / متابعة
بعد ما أشيع عن دور الخفافيش في نقل فيروس كورونا المستجد إلى الإنسان، بات الكائن الثديي “يحمل سمعة سيئة” في مملكة الحيوانات، إلا أن عالمة أميركية بارزة فندت هذه الأقاويل مؤخرا.
وتعد الخفافيش مستودعا طبيعيا لعدد من الفيروسات التاجية الشبيهة بسارس، ويعتقد بعض خبراء الصحة أن أسواق الحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية، التي تبيع كائنات من بينها الخفافيش، كانت وراء انتشار فيروس كورونا المستجد بين البشر.
لكن عالمة الأحياء البرية في جامعة إلينوي الأميركية تارا هوهوف، قالت في مقابلة نشرها موقع الجامعة على الإنترنت، إن “الخفافيش بشكل عام ليست خطرا على البشر”.
“وتابعت هوهوف: “يمكن أن تكون الخفافيش حاملة لأمراض مثل الفيروسات التاجية وداء الكلب، لكن هذه الأمراض لا تشكل خطرا على البشر ما لم يتلامس الناس مع دم الخفاش أو لعابه، وهو أمر نادر الحدوث”.
وأوضحت: “يمكن أن يصيب داء الكلب من أي نوع من الثدييات تقريبا، لكنه أكثر شيوعا بين الخفافيش والراكون والظربان والثعالب”.
وفسرت العالمة قدرة الخفافيش على حمل أنواع مختلفة من الفيروسات دون أن تتأذى منها، بالقول إن “الخفافيش قادرة على الصمود أمام العديد من الطفيليات والبقاء على قيد الحياة، هناك اهتمام علمي كبير للتعرف على كيفية استجابة أجهزتها المناعية لهذه العدوى”.
وأشارت إلى بعض المعلومات الخاطئة عن الخفافيش، قائلة: “يميل الناس إلى الاعتقاد أن الخفافيش تشبه القوارض، وأن جميع أنواع الخفافيش متشابهة، وأنها عادة ما تحمل أمراضا خطيرة وتسعى للتفاعل مع البشر، لكن الخفافيش لا ترتبط بالقوارض، كما أنها مجموعات متنوعة ومختلفة تماما فيما بينها، تتراوح بين الخفافيش الصغيرة جدا التي تعيش في الكهوف إلى الثعالب الطائرة الكبيرة. تتغذى الخفافيش على أطعمة مختلفة، بما في ذلك الفاكهة والرحيق والحشرات والأسماك”.
وكشفت هوهوف أن “معظم الخفافيش تحاول البقاء بعيدا عن البشر قدر الإمكان، لكن هذا يصبح صعبا حيث يطاردها الإنسان”.
وأضافت: “تفضل العديد من أنواع الخفافيش هنا (في الولايات المتحدة) أن تعيش في قلف الأشجار، لكن نظرا لقلة الأشجار المتاحة فقد تجد المأوى الوحيد في أسقف البيوت ومرائبها، وهذا يضعها بالقرب من البشر حيث قد تحدث تفاعلات غير مرغوب فيها”.
كما علقت هوهوف على العلاقة المزعومة بين أسواق الحياة البرية، كما هو الحال في ووهان، وظهور أمراض مثل كورونا المستجد.
واستطردت الباحثة حديثها قائلة: “تحتوي أسواق الحياة البرية على أنواع حيوانات تأتي من البرية، ويتم الاحتفاظ بها على مقربة شديدة من بعضها البعض. هذه الحيوانات لا تتلامس في الطبيعة”.
وأضافت: “في بعض الأحيان يتم تكديس الحيوانات الحية والميتة فوق بعضها، مما يجعل نقل الدم أو اللعاب أمرا سهلا. الأشخاص الذين يعملون في هذه الأسواق أو يشترون الحيوانات للتجارة أو الطهي، معرضون بشدة لخطر العديد من الأمراض”.
لكنها قالت إن بعض الأمراض يمكن أن تنتقل من حيوانات إلى أخرى، بحيث تكون الأولى معتادة عليه ومحصنة منه بعكس الثانية، مما قد يؤدي إلى تفشي المرض.
ويعتمد ذلك، بحسب هوهوف، على بعض العوامل التي تؤثر على احتمالية انتشار الأمراض في أسواق الحياة البرية، منها قوة الطفيليات المسببة لها، والظروف الصحية المحيطة، وطرق تحضير الطعام إذا كانت الحيوانات تؤكل، وتوافق المرض مع العوائل الجديدة له”.
وعندما سئلت عن دور الخفافيش تحديدا في هذا الصدد، قالت: “من المهم أن نكرر أن الخفافيش لا تختار التفاعل مع البشر. نعرض أنفسنا للخطر عندما نأخذ الحيوانات من البرية ونجعلها على اتصال بنا. نعرض أنفسنا للخطر أيضا عندما لا نفكر بعناية في كيفية الحصول على المنتجات المشتقة من الحيوانات، وعندما ندمر أماكن معيشتها، وعندما نعيش على مقربة من الحياة البرية، وحتى عندما نغذي الحياة البرية وننميها. نحن بحاجة إلى احترام الحياة البرية وتركها لما ينبغي أن تكون عليه”.
وقالت إن بعض أنواع الخفافيش، مثل خفافيش حدوة الحصان المنتشرة في الصين، لديها أنظمة مناعية فريدة تسمح لها بالبقاء على قيد الحياة لفترات طويلة، ومقاومة الأمراض المعدية التي تفتك بالأنواع الأخرى.
وختمت: “العديد من أنواع الخفافيش تؤدي خدمات بيئية مفيدة للإنسان والاقتصاد، مثل تناول الحشرات وتلقيح النباتات عن طريق التغذية على الرحيق، فعلى سبيل المثال قدر باحثون في جامعة جنوب إلينوي أن الخفافيش توفر حوالي مليار دولار عالميا بقضائها على الحشرات التي تضر محاصيل الذرة. هنا في إلينوي يعد قمع الآفات الزراعية أمرا مهما للغاية، لكننا نستفيد أيضا عندما تستهلك الخفافيش المحلية آفات مثل البعوض”.