الدار/ رضا النهري:
هناك في الأيام العادية أبطال كثيرون، أبطال افتراضيون من ورق، حيث غالبا ما يميل الناس إلى اعتبار نجوم السينما والتلفزيون، ونجوم الرياضة، وكرة القدم خصوصا، نجوما بلا منازع، وكثيرون يتشبه هون بهم أو يعلقون صورهم في غرفهم أو أو أماكن عملهم، ويصل تقديرهم لهؤلاء “الأبطال” درجة التبجيل المبالغ فيه.
لكن، في هذه الأيام، وبعدما أصبح فيروس كورونا هو الحاكم بأمره، تغيرت خريطة البطولة بشكل درامي. فنجوم الشاشة والرياضيون ولاعبو الكرة انزووا بسرعة في فيلاتهم وقصورهم الفارهة، وكثيرون منهم لم يكلفوا أنفسهم حتى التبرع بمبالغ مالية لمحاربة الجائحة، بينما ظهر أبطال حقيقيون لم يكن الناس يلقون إليهم بالا في الأيام العادية.
فجأة اختفى كل أبطال الورق وظهر الأبطال الحقيقيون، أولئك الذين يواجهون هذا الفيروس يوما بيوم وساعة بساعة في الجبهات الأمامية الحارقة. فالأطباء والممرضون صاروا يواجهون الموت في كل لحظة وهم لا يعرفون إن كان يومهم سينتهي على خير أم سيصبحون بدورهم من بين الضحايا، وعمال وأطقم المستشفيات ومستودعات الأموات كلهم صاروا في الجبهة الأمامية لحرب يهابها الجميع.
في كل صباح يخرج رجال الأمن كعادتهم كما كانوا يفعلون كل يوم، لقد أصبحت مهمتهم أخطر في ظل الفيروس، فوضعهم لا يقل خطورة عن الباقين، خصوصا وأن الأوضاع الاستثنائية تجعل من الأمن والاستقرار مسألة حيوية في مثل هذه الظروف،.
عمال النظافة وسائقو وسائل النقل العمومي وعمال المتاجر الكبرى والصيدليات والفلاحون وآخرون صاروا هم أبطال الواقع، بينما انزوا أولئك الذين يتصنعون البطولة المزيفة في الأيام العادية،
الأوقات الصعبة التي نعيشها حاليا لها أبطال آخرون، مثل جنود الخفاء الذين يتبرعون بالكثير أو القليل من أجل أن يستمر الآخرون في الحصول على لقمة العيش. ولولا هؤلاء لكانت الأوضاع أصعب بكثير.
هناك الأبطال الذين يتنقلون بين المدن حاملين المواد الغذائية الى كل مكان، والفلاحون الذين يؤمنون بقاء الأسواق عامرة بالخضر والفواكه.
هناك أبطال حقيقيون كثيرون هذه الأيام لا علاقة لهم بأبطال الكارتون في الأيام العادية. ومن الأكيد أنه بعد انزياح الفيروس، يجب أن نميز بين بطل الواقع والبطل الافتراضي.