الرأيسلايدر

كيف كسب المغرب من جائحة كورونا سمعة دولية واعدة؟

الدار / افتتاحية

إلى جانب منسوب الثقة الذي عاد بين الدولة والمجتمع يبدو أن المغرب حقق من وراء جائحة كورونا مكتسبات سيكون لها أثر إيجابي في المدى المتوسط والبعيد. يتعلق الأمر إذا بمكاسب داخلية وخارجية، لكن أهمها تلك التي تخدم صورة المغرب في الخارج. هذا ما يتضح صريحا على سبيل المثال في تصريح وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي نادية فتاح العلوي التي قالت أمس أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب أن الهدف اليوم هو الاستفادة من سمعة المغرب لجلب السياح بعد الخروج من الأزمة، “لأن المملكة برهنت قدرتها على حماية صحة وسلامة المواطنين وجميع الوافدين عليها” على حد تعبيرها.

مؤشرات هذه الصورة النموذجية التي ظهر بها المغرب دوليا يعكسها الاهتمام الكبير الذي حظي به تدبيره لجائحة كورونا من طرف وسائل الإعلام الغربية والعالمية، وكذا من طرف المسؤولين والسياسيين الأوربيين على الخصوص، الذي عبروا في مناسبات عديدة عن انبهارهم بالمثال المغربي. ظهر ذلك جليا أيضا في أزمة الكمامات التي استطاعت الآلية الإنتاجية الوطنية أن تتعاطى معها بنوع من الاستباق لتوفير الاحتياجات المحلية والتموقع في سوق المواد الطبية. هذا  ما أكده الخبير الاقتصادي الأمريكي والباحث في “مركز “بوليسي سانتر فور ذ نيو ساوت” هينه دينه، الذي قال إن المغرب أمامه فرصة فريدة للاستفادة من التباطؤ الاقتصادي العالمي من أجل التموقع بين البلدان المنتجة للسلع المصنعة، لاسيما المعدات الطبية.

هناك إذا فرص كامنة تنطوي عليها سيرورة بناء السمعة الجيدة في المنتظم الدولي. فالجهود التي بذلت من أجل محاصرة جائحة كورونا والتفاعل السريع مع تداعياتها، أبرزت تماسك نظام الحكامة والإدارة في المغرب، كما بينت أن هناك مؤهلات اقتصادية واستثمارية هائلة يمكن أن تشكل مستقبلا إغراء كبيرا لرأس المال الأجنبي. في هذا السياق يتحدث وزير الصناعة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي عن مفاوضات جارية مع مستثمرين صينيين كبار للدخول في مشاريع صناعية جديدة.

ما يثار في الإعلام الفرنسي مثلا بخصوص اليقظة المغربية في تدبير جائحة كورونا ليس مجرد مبالغات أو قراءات غيورة، بل هي مبنية على وقائع وتوقعات في الوقت نفسه. ففرنسا واعية تماما بالحضور المغربي الوازن في إفريقيا الغربية على الخصوص، وتراقب عن كثب تقدم المغرب في شراكاته في إطار التعاون جنوب-جنوب. وتدرك جيدا أن للمغرب طموحات مشروعة من أجل استثمار علاقاته التاريخية لتطوير القارة السمراء والاستفادة أيضا من نموها. هذا التطوير وتلك الاستفادة يمكن أن تعتمد مستقبلا على ذلك الرصيد المعنوي المحصل من تدبير جائحة كورونا، والذي قام على الإجراءات الاستباقية وتوفير المخزونات الاستراتيجية وتعزيز المنظومة الطبية مع الحفاظ في الوقت نفسه على الارتباط بسلاسل التوريد الدولية. لا يجب أن ننسى مثلا أن صادرات المغرب الفلاحية لم تتوقف في اتجاه أوربا بل إنها انتعشت أكثر، وحققت أرباحا استثنائية.

كل هذه المؤشرات السياسية والاقتصادية والإدارية تجعل إمكانية خروج المغرب من جائحة كورونا منتصرا أمرا واقعا، لا من حيث محاصرة فيروس كورونا وتقليل الخسائر البشرية فقط، وإنما أيضا من حيث فتح آفاق اقتصادية هائلة تشمل أسواقا جديدة للصادرات والسياح واستقطاب المزيد من المستثمرين الكبار وشركات التصنيع العملاقة. فما قدمته أزمة كورونا للمغرب على صعيد تحسين صورته في بضعة أسابيع قد لا تنجزه أعوام من عمل مكاتب الدراسات و”اللوبيينغ” التي تعمل مقابل الحصول على مبالغ مالية هائلة.

زر الذهاب إلى الأعلى