الرأيالمواطنسلايدر

الأطفال.. ضحايا من نوع آخر لفيروس “كورونا”..

الدار / رضا النهري:

منذ بدأ الحجر الصحي ولزم الناس منازلهم وأقفلت المدارس أبوابها، فإن الجميع صاروا مجبرين على التعايش اليومي لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم، الكبار والشباب والمراهقون والأطفال، وأحيانا يحدث ذلك في رقعة ضيقة من المنزل، وكان لهذا الوضع سلبياته وإيجابياته، فهناك من تعود عليه وطوره لصالحه، وهناك من لا يزال يحاول من أجل ذلك.

قد يكون أكبر المتضررين من الحجر الصحي هم الأطفال، الذين صاروا مجبرين على التعامل مع وضع لم يكونوا يتخيلونه، بل لا يفهمونه، وأصبحوا مجبرين على فهم الواقع من خلال ما يسمعونه من الكبار، أو من البرامج ونشرات الأخبار على شاشة التلفزيون، وكل ذلك خلق لديهم فوبيا كبيرة مما يجري.

وبما أن الأطفال يسمعون ويعيشون واقعا واحدا كله يتمحور حول الفيروس، فمن الطبيعي أن يشكل لهم ذلك مخاوف حقيقية، أكبر بكثير مما لدى الكبار، وربما يبالغون في الخوف إلى درجة أن الكثير من الأطفال ظهرت لديهم حساسية في جلد أيديهم لأنهم يبالغون في غسل الأيدي مخافة إصابتهم بالعدوى.

مخاوف الأطفال تجلت بشكل أكبر في الخوف من كل ما هو خارج جدران منازلهم. لقد صاروا يطلون على العالم من خلال شيئين اثنين، إما عبر شاشة التلفزيون، او عبر شرفات ونوافذ منازلهم، فيبدو لهم العالم مخيفا وغير جدير بالثقة، وهذا ما دفع الكثير من الأطفال، في البلدان التي خففت الحجر الصحي بشكل تدريجي، إلى الامتناع عن الخروج من منازلهم.

وما زاد من فوبيا الأطفال هو المخاوف التي يرونها على وجوه والديهم، وهي مخاوف مشروعة، غير أن التعبير عنها أمام الأطفال يشكل، بالتأكيد، خطأ كبيرا، لأن ذلك يجعل من الفيروس ليس مجرد وباء عابر، بل يمكنه أن يؤثر على نفسية الأطفال لزمن طويل، وقد يطبع حياتهم إلى الأبد.

إذا كانت كل التحاليل المخبرية تؤكد ما يشبه حصانة الأطفال من الإصابة بعدوى الفيروس، فإن الوجه الآخر من العملة يشير إلى أن هؤلاء الأطفال قد يصبحون أكبر ضحايا هذا الواقع إذا لم نعرف كيف نجعلهم يفهمون كيف يتعاملون مع هذا الواقع الاستثنائي في حياتهم، وفي حياة الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى