الاتحاد الأوروبي يخلد الذكرى السبعين لقيامه دون احتفالية
إنها أوروبا منهكة جراء وقع “كوفيد-19″، تلك التي تحتفل، غدا السبت، دون صخب كبير، بذكرى إنشائها، وهي تستشرف مستقبلها بحذر.
ويخلد يوم أوروبا، الذي يحتفل به في 9 ماي من كل سنة، الذكرى السنوية لـ “إعلان شومان”، الذي يعد بمثابة اللبنة التأسيسية لما يشكل اليوم الاتحاد الأوروبي.
لكن الوقت ليس مواتيا للاحتفال هذه السنة، إذا علمنا أن عتبة 140 ألف حالة وفاة في أوروبا جراء فيروس “كوفيد-19″، سيتم تجاوزها عند نهاية هذا الأسبوع.
لذا، سيكون يوم أوروبا حدثا يتم من خلاله التعبير عن التضامن بنسبة 100 في المائة. حيث ستنظم العديد من التظاهرات الافتراضية حول هذا الموضوع، قصد التذكير بأن أزمة فيروس كورونا جاءت لتزيد من حدة الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدم الثقة في بعض البلدان الأعضاء وقادتها. وبالنسبة للأوروبيين، فإن هذه الأزمة أتت للتذكير، أيضا، بأن تدبير الجائحة تسبب في ارتجاجات حقيقية على مستوى عمل الدول، حينما اختار كل واحد تطبيق الحل الخاص به، في غياب سياسة صحية جماعية منسقة، فعالة وسهلة التعبئة.
وحسب المراقبين، حتى لو كان ينبغي الترحيب بالقرارات السياسية والاقتصادية المتخذة لتدبير الوضع على نحو أفضل، فلا يمكن تجاهل تسجيل مظاهر قصور خطيرة عند بداية الأزمة، والتي كان بالإمكان تجنبها لو أن البلدان برهنت على حس التضامن والوحدة في التدخل.
إغلاق الحدود الداخلية، ارتباك شامل بشأن معدات الوقاية (الكمامات الواقية، المطهرات الهيدرو-كحولية)، وغياب التضامن والتنسيق، لقد سادت سياسة الفردانية في بداية الأزمة، والتي لن يكون الأوروبيين على استعداد لنسيانها، بما أن دعوات المساءلة باتت تلوح في الأفق بالعديد من الدول الأعضاء.
وفي خضم عاصفة من الانتقادات، تحاول أوروبا، كيفما كان الحال، استنهاض الهمم لاستعادة تلك الروح الأوروبية التي دافع عنها روبرت شومان وجان موني، ولتذكير الشعبويين والمشككين في أوروبا بأن هذا التدبير المؤسف للأزمة لا ينبغي أن يجعل الجوهر الأوروبي في موضع مساءلة.
ففي رسالة مفتوحة تحت عنوان “أوروبا الغد”، دعا رؤساء دول، وأكاديميون، وفاعلون سياسيون، من بينهم الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان، الزعماء الأوروبيين إلى البرهنة على الشجاعة والطموح.
وكتب الموقعون على هذه الرسالة المفتوحة أن “التضامن كونه حجر الزاوية في وحدتنا، يتعين أن يضطلع بدور أكبر في زمن الأزمات أكثر من الأوقات العادية، حينها سيكون بوسعنا التحقق من أنه ليس حبرا على ورق. كأوروبيين، لسنا بصدد لعبة محصلتها صفر. سنفوز أو نخسر معا”.
ودعوا إلى اغتنام الفرصة “لإعادة بلورة تنظيم اقتصادي واجتماعي أكثر عدلا، واستدامة ومناعة”.
فإدارة الأزمة الحالية، مهما بلغ عنفها، يجب ألا تجعل أوروبا تنسى مسؤوليتها في الأزمات الأخرى، لاسيما الهجرة واللجوء.
وهنا مرة أخرى، تعلق الآمال على أوروبا مواطنة، مسؤولة ومتضامنة، أوروبا ترى في جوارها الجنوبي حلا لمستقبلها، ونفسا من الهواء النقي لتفتحها وليس كتهديد لها.
وفي هذا الصدد، فإن السياسة الإفريقية للاتحاد الأوروبي تشكل عنصرا جوهريا في توجهه الدولي الجديد.
هنا، يتعين أن يجعل التدبير النموذجي لبعض الدول الإفريقية لأزمة فيروس كورونا أوروبا تفكر بشأن شراكاتها المستقبلية، وحول الكيفية التي تنتهجها في ترتيب أولوياتها للتنمية المشتركة، وإعادة التفكير في سياسة الجوار والتوسع الخاصة بها.