الرأيسلايدر

حقوق الإنسان لا تعني العربدة

الدار/ رضا النهري:

عندما بدأت بلدان العالم تفرض الحجر الصحي من أجل مواجهة وباء “كورونا”، فإن ذلك لم يكن سهلا أو تم اختيارا وطواعية من طرف كل الناس، بل تطلب الأمر الكثير من الصرامة والحزم، بل والقسوة في كثير من الأحيان، وحدث ذلك ليس في الصين فقط، بل في بلدان أوربية مشهود لها بعراقتها في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

وفي الجارة إسبانيا، اضطر الجيش للنزول إلى الشوارع من أجل فرض احترام الحجر الصحي، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي لقطات كثيرة لأفراد الأمن وهم يعنفون أشخاصا خرقوا الحجر، إلى درجة أنه تم منع الناس حتى من الانتقال إلى مساكنهم الثانوية في ضواحي المدينة، وتم فرض غرامات ثقيلة على المخالفين، واضطر الكثير من الناس إلى التخفي في أشكال مضحكة من أجل الوصول الى مركز تسوق أو منزل مجاور، بما في ذلك التخفي داخل برميل قمامة متحرك.

هناك مئات الأمثلة على ذلك في بلدان كثيرة لها تقاليد عريقة في الديمقراطية، ومع ذلك لم تثر أية ضجة حول حقوق الإنسان، لأن هذه المجتمعات المتحضرة تدرك أنه لا مجال لشيء اسمه حقوق الإنسان حين يصبح مجتمعا بكامله مهددا بالدمار، وأن الحق الوحيد الذي يبقى هو حق المجتمع في الحفاظ غلى صحة وسلامة أفراده، وكل من يتمرد على هذه القاعدة يعتبر نشازا، بل وعدوا للمجتمع يجب الضرب على يده بكل الصرامة اللازمة.

نقول هذا الكلام لأولئك الذين استحلوا هذه الأيام اجترار عبارات حقوق الإنسان وقسوة أجهزة السلطة في التعامل مع المخالفين للحجر الصحي، مع أن ما عاشه المغرب من صرامة في تطبيق الحجر لم يصل حتى إلى نصف ما عرفته بلدان مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها.

حين يقوم رجل سلطة، سواء كان قائد أو مقدم او رجل أمن أو غيرهم، بتطبيق القانون لفرض الحجر الصحي بالنجاعة اللازمة، فإنه لا يفعل ذلك من أجل نفسه، ولا يقوم بذلك من باب المتعة، بل من باب مسؤولية كبيرة جداً تقتضي التصرف بحزم كبير، لأن سلامة مجتمع بكامله على كف عفريت كورونا، وأي استهتار في هذه الأيام العصيبة يجعلنا كمن يصب الماء في الرمل.

الذين يخوضون حملة هذه الأيام على الأمن ورجال السلطة، عليهم أن يدركوا أنهم بفعلهم ذلك يلثقبون حصون المقاومة ضد آفة الفيروس، وأنه عوض إصدار البيانات النارية، كان يفترض أن يشدوا بحرارة على أيدي كل المسؤولين الصارمين، فليس هناك حق يمنح صاحبه صلاحية التلاعب بسلامة مجتمع بكامله، لذلك نرجو أن تتوقف هذه الديماغوجية المريضة، حتى نرى صرامة أكبر في التعامل مع المستهتر ين، الذين يتلاعبون بحق مجتمع كامل تلتزم أغلبيته بالحجر،

زر الذهاب إلى الأعلى