يحل اليوم الوطني للمسرح، الذي يحتفى به يوم 14 ماي من كل سنة، هذا العام في ظل ظروف استثنائية عرفت إلغاء جميع الأنشطة والتظاهرات الثقافية بما في ذلك المسرحية، بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا.
في هذا الحوار، يجيب رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، مسعود بوحسين، عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء حول تداعيات جائحة كورونا على قطاع المسرح، ودور هذا الأخير إبان فترة الجائحة، إلى جانب رؤيته لسبل النهوض بالقطاع في فترة ما بعد الجائحة.
1- يحل اليوم الوطني للمسرح في ظل ظروف استثنائية فرضتها جائحة كورونا وأفضت إلى إلغاء جميع الأنشطة الثقافية، ما هي في نظركم أبرز تداعيات ذلك على قطاع المسرح والعاملين فيه؟
في واقع الأمر، جائحة كورونا خلفت تداعيات متعددة على قطاع المسرح، سواء على المستوى الاجتماعي أو المستوى الثقافي. فعلى المستوى الاجتماعي، تزامنت الجائحة مع الفترة التي تنشط فيها الحركة المسرحية التي لا تتميز بالانتظام طيلة السنة. زيادة على كون العمل المسرحي يقوم على تجمع الجمهور، وبالتالي فالأنشطة الثقافية المرتبطة بالعروض الحية كانت من أول التظاهرات التي طالها الإلغاء وستكون آخر ما سيسمح بالعودة إلى إقامته. هذا إلى جانب أن موسم 2020 بدوره “عرف تعثرا ولم تكتب له الانطلاقة أصلا”. هذه كلها عوامل تصور حجم المعاناة الاجتماعية التي تعيشها فئة واسعة من الفنانين الذين يعيشون حصرا من دخل نشاطهم الفني.
أما على المستوى الثقافي، فإن تبعات الجائحة ستكون “عميقة” أيضا، لأن تعثر الإنتاج الثقافي والفني بسبب كورونا وما قبلها عموما لن يمكن من عودة الحياة الثقافية إلى حالتها الطبيعية. وربما يصعب مع هذا الوضع استعادة العديد من مكتسبات الساحة الثقافية المغربية بسرعة في ظل “تراخي” القطاع الوصي سواء ما قبل الحجر الصحي وأثناءه.
2- خلال فترة الحجر الصحي، نظمت مبادرات عدة لتقديم عروض مسرحية مباشرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وهناك فرق عرضت مسرحيات مسجلة مجانا. ما هو في نظركم الدور الذي يمكن أن يضطلع به الفن عامة، والمسرح خاصة، للتخفيف من حدة الضغط الناتج عن الحجر؟
بالطبع، الفن، بما في ذلك المسرح، يمكن أن يضطلع بدور هام في فترة الحجر الصحي من خلال برامج بديلة. وهذا ما تم في العديد من البلدان باستثمار وسائل التواصل الاجتماعي من أجل عرض تسجيلات لعروض مسرحية أو عبر تقديم أشكال مسرحية قابلة للنقل مباشرة عبر هذه الوسائل بشكل سهل كالمسرح-المحاضرة (théâtre conférence) و(المونولوغات) وغير ذلك من الأشكال البديلة.
في المغرب، هناك مبادرات مماثلة هنا وهناك، لكن مبادرات الجهاز الوصي تظل “محدودة”، إذ إنه باستثناء بعض المديريات الجهوية للثقافة، فإن العرض الثقافي البديل في مجال المسرح والفنون المرتبطة به يظل “قليلا”.
3- ترأسون النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، ما رؤيتكم للنهوض بقطاع المسرح في فترة ما بعد جائحة كورونا؟
أعتقد أن إعادة الروح إلى المجال الفني والمسرحي عموما، تتطلب جهازا حكوميا فاعلا ومهتما بالقطاع. لقد عرف المجال الثقافي ومنه المسرح “تعثرات كبيرة” مؤخرا، ومع اندلاع أزمة كورونا، سجلنا غياب رؤية واضحة في القطاع الثقافي. وحسب تصورنا، من المفروض أن يكون هناك تدخل على ثلاثة مستويات رئيسية.
ويتعلق الأمر أولا بإيلاء الاهتمام للجانب الاجتماعي، ولاسيما بالنسبة للفنانين الحاصلين على بطاقة الفنان أو بطاقة المركز السينمائي المغربي، من الذين يعتبر الفن مصدر عيشهم الوحيد. ويتعلق المستوى الثاني ب”اعتماد برامج بديلة” تمكن من استمرارية العرض الثقافي ومنه العرض المسرحي أثناء فترة الحجر الصحي.
أما المستوى الثالث، فيتعلق بالتخطيط لما بعد كورونا، عن طريق استثمار فترة الحجر في إعداد المشاريع الفنية والإعلان عن الدعم المسرحي لسنة 2020 وغير ذلك من عمليات الدعم، بما يمكن من ربح الوقت. ويمكن تمديد أجل تنفيذ هذا الدعم إذا طالت فترة الحجر الصحي لا قدر الله، أو حتى وضع تصور لما يمكن أن تسير عليه الأمور إذا ما تم رفع الحجر بشكل تدريجي.
في واقع الأمر، نعتبر أنه سيكون من الصعب الانتقال من فترة رفع الحجر النهائي إلى حركية ثقافية عادية، لأن العمل الثقافي والمسرحي خصوصا يتطلب إعدادا على الورق ثم القيام بالتداريب، قبل أن تأتي مرحلة العرض. وهذا أمر -في ارتباطه بالدعم- يتطلب الإعلان عن هذا الدعم وتقديم الملفات للحصول عليه ومناقشتها وإعلان النتائج ثم القيام بالتداريب، ثم العرض. هذه العملية تتطلب زمنا طويلا يستلزم التضحية بموسم أو اثنين، وهو ما يجب أن تعيه وزارة الثقافة.