المواطن

المهدي قسو.. انخراط في العمل الإنساني لمساعدة اللاجئين ببروكسل

 

العين مرآة الروح. عبارة تنطبق على المهدي قسو، هذا الملتزم بالعمل الإنساني الذي انخرط في خدمة اللاجئين وأولئك الذين تركوا لحال سبيلهم ببروكسل.

فبمجرد اللقاء به، تكتشف على الفور، كرم وجود هذا الشاب الذي تشع عيناه بروحه الخيرية، وعزمه الأكيد لخدمة القضايا النبيلة.

فهذا البلجيكي من أصل مغربي جعل، منذ 2015، من مساعدة اللاجئين، والمهاجرين والمتشردين من أجل العيش في كرامة مهمته الأساسية، من خلال تشكيل أرضية مواطنة لدعم اللاجئين والتي يعد الناطق باسمها وأحد مؤسسيها.

وقد سلك المهدي قسو هذه الطريق بمحض الصدفة، حين مر في يوم من الأيام بحديقة ماكسيميليان ببروكسل والذي يقيم فيه المئات من طالبي اللجوء.

ويتذكر المهدي بحزن أنه " في 2015، بعد وصول عدد كبير من المهاجرين العراقيين، والسوريين، والأفغان … كانت طابورات طويلة تنتظر الحصول على حق اللجوء. بدون مأوى ودون مساعدة، تجمع هؤلاء اللاجئين بمنتزه ماكسيميليان الذي يوجد بالقرب من مكتب الأجانب، في انتظار النظر في طلباتهم. وقد أتيت لهذا المكان للنظر ما إذا كانت هناك إمكانية لتقديم يد المساعدة، فوقعت عيناي على طفل في سن ابني يفترش الأرض ".

وأمام هذا المشهد المؤسف، قرر المهدي قسو التحرك على الفور لتقديم المساعدات لهؤلاء اللاجئين. ويحكي المهدي في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء "ذهبت في أول الأمر لإحضار بعض الخيم لتوزيعها على المهاجرين، قبل أن ألتحق بالخيمة التي تمت إقامتها وسط المنتزه والتي اجتمع تحتها كل من له فكرة أو إرادة لتقديم المساعدة، لبحث سبل إيجاد حلول لإيواء وتقديم المساعدة لهؤلاء اللاجئين  .

وأضاف "كنت واثقا منذ البداية من نجاح هذه المبادرة، حيث كان هناك العديد من الأشخاص الذي أعربوا عن استعدادهم لتقديم المساعدة لكن لا يعرفون كيف وأين يذهبون. فقد قمنا فقط بتحديد الطريق أمام أولئك الذين يريدون الالتحاق بقضيتنا" مسجلا أن شبكة إيواء الأرضية تضم اليوم 7 آلاف أسرة تستقبل لاجئين في مختلف المناطق ببلجيكا، كما أن هناك الآلاف من جامعي وموزعي المساعدات، ومئات من السائقين المتطوعين الذين ينقلون المهاجرين من حديقة ماكسيميليان إلى عائلاتهم.

وأبرز أنه "بالإضافة إلى 250 من المهاجرين واللاجئين يتم إيوائهم كل مساء لدى الأسر، هناك 350 شخصا يتم استقبالهم ليلا بمركز للإيواء بهارين بمنطقة بروكسل تساهم الأرضية في الإشراف عليه.

المهدي قسو، البالغ من العمر 34 سنة، كان يخبئ له القدر مفاجآت جميلة، لكن كان عليه القيام باختيارات لم تكن سهلة بالنسبة إليه. فقد بدأ المهدي مسيرته في الصحافة المكتوبة. وبعد تجربة في الإنتاج السمعي البصري، التحق في 2011 بشركة كبيرة للاتصالات والتي غادرها في 2017 ليتفرغ لنضاله اليومي.

قرار يبدو فيه نوع من المخاطرة، لكن ليس بالنسبة للمهدي قسو الذي يتميز بقوة الشخصية مما يمكنه من التقدم إلى الأمام مهما كانت الصعوبات.

يقول المهدي، الذي أصبح الانخراط الإنساني بالنسبة إليه "أسلوبا للعيش"، في هذا الصدد، "غادرت منصبي لأني لم أكن أجد نفسي فيه وكان تفكيري منشغلا بأشياء أخرى".

وأوضح أنه كان اختيارا لأسلوب في الحياة وأنه لا يمكنه القيام بأشياء متعددة في نفس الوقت، مؤكدا أنه غير نادم عن قراره هذا.

ويحرص المهدي قسو على إتقانه لعمله حتى النهاية. فبالإضافة إلى إشرافه خلال المساء على عملية إيواء المهاجرين، يخصص يومه للمبادرات التطوعية في إطار "الأرضية الإنسانية" وهي بنية لاستقبال ودعم المهاجرين والتي تنشط داخلها مجموعة من المنظمات، وخاصة منظمة أطباء العالم، وأطباء بلا حدود، والصليب الأحمر، والأرضية المواطنة لدعم اللاجئين.

ويقول المهدي قسو " كل يوم، يمر حوالي 200 شخص عبر الأرضية الإنسانية التي تقدم مجموعة من الخدمات للمهاجرين كالعلاجات الطبية، والمساعدة النفسية، والمواكبة الاجتماعية والقانونية، وكذا جمع وتوزيع التبرعات ".

ورغم أيام مليئة بالأنشطة، لا يفقد المهدي قسو عزيمته وحيويته، فهو ينجح دائما في إيجاد التعبئة والقوة الضروريتين لمواصلة مهمته والتخفيف من معاناة المحتاجين.

ويعتبر المهدي قسو، وهو من أب مغربي وأم بلجيكية، أن ثقافته المزدوجة تشكل وسيلة لنجاحه، حيث يؤكد أن هذا الازدواج دفعه إلى التساؤل ماذا يمكن أن يجمع الأشخاص بدل التفرقة بينهم.

ويعبر المهدي قسو، الحائز في أبريل الماضي على جائزة مغاربة العالم في فئة "المجتمع المدني وحقوق الإنسان"، عن اعتزازه بأصوله المغربية التي يبقى متشبثا بها.



"فتح بابه، وقلبه وثقافته في وجه الآخر" إنه شعار المهدي قسو، الذي يدعو إلى بلجيكا "متضامنة" حيث يشكل الاختلاف مصدر غنى وليس عامل ضعف.

(وم ع)





 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى