ما هي ميزة “تدقيق المعلومات المضللة” التي طرحها تويتر وأزعجت ترامب للحد بالتهديد بإغلاقه؟
على مرأى من الجميع، تدور “معركة مصداقية” بين تويتر ودونالد ترامب، الذي استشاط غضباً بعد تشكيك الشبكة الاجتماعية بصحة تغريدتين نشرهما الرئيس الأمريكي الثلاثاء 26 ماي 2020.
فمنذ تولي ترمب السلطة في 2016، تعرّض تويتر للكثير من الانتقادات لإتاحته الفرصة أمام سيّد البيت الأبيض لنشر أفكاره الغريبة، ما دفع الشبكة الاجتماعية لتغيير نهجها المتَّبع تجاه “المعلومات المضللة”، من خلال تحذير المستخدمين بشأن صحة المعلومات المذكورة في التغريدات أياً كان كاتبها، حتى لو كان رئيس أقوى دولة بالعالم.
ويبدو أن التحديث الذي دخل حيز التنفيذ في ماي 2020 لم يرق لترمب؛ فبعد تشكيك تويتر بصحة تغريدتين نشرهما، علت نبرة التهديدات من ترامب إلى حد التلويح بإغلاق منصات التواصل الاجتماعي.
في البداية، كيف بدأت معركة ترامب وتويتر؟
اشتعلت المعركة قبل ساعاتٍ فقط، بعد تغريدتين كتبهما ترامب زعم فيها أن التصويت عبر صناديق البريد “احتيالي” وسيؤدي إلى “انتخابات مزورة”. وبعد نشر التغريدات فوجئ ترامب ومتابعوه الـ80 مليوناً بأن تويتر وضعت مُلصقاً أسفل التغريدتين يقول: “احصل على الحقائق حول بطاقات الاقتراع بالبريد”، وعند الضغط عليه يحال المستخدمون إلى تقارير إخبارية حول ادعاء ترامب غير المدعوم بالأدلة، تقول ببساطةٍ إن معلومات الرئيس الأمريكي “لا أساس لها من الصحة”.
استشاط ترامب غضباً واتهم تويتر بـ”التدخل في الانتخابات الرئاسية للعام 2020″، ويعتمد في معلوماته على معلومات أجرتها شبكة “الأخبار الكاذبة” CNN، وصحيفة The Washington Post الممولة من شركة أمازون، واتهم تويتر بـ”خنق حرية التعبير”، وتابع: “بصفتي رئيساً لن أسمح لهم بأن يفعلوا ذلك”.
واحتدت نبرة التهديد بعد ساعات، إذ كتب ترامب: “يشعر الجمهوريون بأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تُسكت أصوات المحافظين تماماً، سنقوم بتنظيمها أو إغلاقها بقوة، قبل أن نسمح بحدوث ذلك. لقد رأينا ما حاولوا القيام به وفشلوا في عام 2016، لا يمكننا ترك نسخة أكثر تعقيداً من ذلك. تماماً كما لا يمكننا السماح بتجذر وانتشار الاقتراع بالبريد، لأنها ستكون فرصة مجانية للجميع للغش والتزوير وسرقة أصوات المقترعين، من يخدع أكثر سيفوز، وبالمثل، وسائل التواصل الاجتماعي”.
ما هو نهج تويتر الجديد بشأن المعلومات المضللة؟
ترجمنا عن مدونة تويتر التفاصيل الكاملة لسياسته الجديدة في أعقاب أزمته مع ترامب، والتي قال الموقع إنها تأتي من أجل خلق بيئة صحية للمحادثات العامة، لتسهيل عملية العثور على معلومات موثوقة على تويتر، والحد من انتشار المحتوى المضلل الذي قد يتسبب في أضرار محتملة.
استهل تويتر بالقول: “بدءاً من اليوم، سوف نقدم ملصقات ورسائل تحذيرية جديدة تقدم سياقاً ومعلومات إضافية عن بعض التغريدات التي تحتوي على معلومات مضللة أو مختلف عليها بخصوص عدوى كوفيد-19”.
وتابع: “خلال شهر مارس، وسَّعنا توجيهات سياساتنا من أجل مواجهة المحتوى الذي يتعارض بشكل مباشرة مع توجيهات مواجهة عدوى كوفيد-19 من مصادر الصحة العامة الرسمية والموثوقة، عالمياً ومحلياً. وقد نستمر في استخدام تلك الملصقات والرسائل التحذيرية لتقديم تفسيرات أو توضيحات إضافية في المواقع التي تكون فيها مخاطر وقوع ضرر بسبب تغريدةٍ ما أقل حدَّة، ولكن يظل محتوى التغريدة مربكاً أو مضللاً لمن يقرأها. سوف يُسهّل ذلك من العثور على الحقائق واتخاذ قرارات واعية بناء على ما يقرأه الأفراد على منصة تويتر”.
الملصقات والرسائل التحذيرية الجديدة
حسب السياسة الجديدة، فإنه خلال المحادثات الجارية بشأن أي قضية محل خلاف، سيضيف تويتر ما سمّاه بـ”سياق إضافي من المصادر الموثوقة”، وأشار إلى ملصق التغريدات الجديد الذي قدمه في وقت سابق من هذا العام، والذي يحتوي على وسائط (صور أو مقاطع فيديو) مُركّبة أو مُتلاعب بها.
وأكد أنه سيقدم الآن ملصقات مماثلة على التغريدات التي تحتوي على معلومات مضللة أو تمثّل ضرراً محتملاً بخصوص عدوى كوفيد-19، ووعد بأن تظهر تلك الملصقات أيضاً بأثر رجعي على التغريدات المنشورة قبل اليوم.
كما سيكون هناك ربط بين تلك الملصقات وصفحات تويتر الرسمية أو مصادر خارجية موثوقة تحتوي على معلومات إضافية بخصوص المزاعم الواردة في التغريدة.
وبناء على درجة الضرر المحتمل ونوع المعلومات المضللة، قد تُستخدم تحذيرات أيضاً على التغريدات، وليس الملصقات فحسب. إذ ستُخطر هذه التحذيرات من يقرأ التغريدة بأن المعلومات الواردة تتعارض مع توجيهات خبراء الصحة العامة، وفق تويتر.
وأشار إلى مواصلة تقديم ملصقات جديدة تُعبّر عن سياق الأنواع المختلفة من المزاعم التي لم تُؤكَّد صحتها والإشاعات المختلفة حسب الحاجة.
كيف سنتعرف على تلك التغريدات؟
“يعمل فريقنا على استخدام وتحسين أنظمتنا الداخلية لمتابعة المحتوى المتعلق بعدوى كوفيد-19 بشكل استباقي ومُبادر. تساعد هذه الأنظمة على التأكد من عدم المساعدة في نشر التغريدات التي تحتوي على ملصقات ورسائل تحذيرية، والعمل بسرعة على رصد المحتوى من هذا النوع الذي يُشاهَد بمعدلات كبيرة”، هكذا أجاب تويتر.
وأشار أيضاً إلى استمراره في الاعتماد على شركائه الموثوقين لتحديد المحتوى الذي قد يتسبب في حدوث أضرار محتملة. وتابع: “بالنظر إلى حالة السيولة الكبيرة في المحتوى المتعلق بهذا الشأن، سوف تكون أولوياتنا مراجعة وتصنيف المحتوى الذي قد يؤدي إلى زيادة التعرض أو انتقال العدوى”.
“لقد تعلمنا الكثير مع استخدام تلك الملصقات الجديدة، وإننا منفتحون تماماً على تعديلها مع استكشاف أنواع مختلفة من الملصقات للتعبير عن المعلومات المضللة. هذه العملية مستمرة، وسوف نعمل من أجل التأكد من ظهور تلك الملصقات والرسائل التحذيرية على منصة تويتر. قد لا تظهر الملصقات على التغريدات المضمنة أو التغريدات التي يشاهدها أفراد دون تسجيل دخولهم إلى منصة تويتر”.
ثم أخيراً ختم بالقول: “تظهر مهمتنا الشاملة خلق بيئة صحية للمحادثات العامة، وسوف نستمر في العمل على تصميم الأدوات وتوفير السياقات التي تساعد الأشخاص على العثور على معلومات صحيحة وموثوقة وأصلية على منصة تويتر”.
أزمة سابقة لترامب مع تويتر
عودة إلى أزمة ترامب مع تويتر، من يتابع علاقة الرئيس الأمريكي بالمنصة الاجتماعية المفضلة له مؤخراً يجد أنها متوترة، فتأتي هذه الأزمة في أعقاب رفض تويتر إزالة تعليق لترامب يعود للعام 2011، بشأن وفاة مساعدة لعضو بالكونغرس عن الحزب الجمهوري تدعى لوري كلاوسوتيس.
فضمن “نظرية المؤامرة” اتهم ترامب مذيع MSNBC جو سكاربورو بقتل مساعدته عندما كان عضواً في الكونغرس، دون أي دليل على معلوماته، وفق موقع HuffPost الأمريكي. وللتوضيح فقط فإن سكاربورو الذي يهاجمه ترامب باستمرار كان صديقه قبل أن ينتقده علناً على الشبكة، ليعلن ترامب الحرب عليه ويهاجمه باستمرار.
زوج الراحلة تيموثي كلاوسوتيس طلب من تويتر إزالة هذه التغريدات، إذ كتب لرئيس تويتر، جاك دورسي: “ارجوكم، اشطبوا هذه التغريدات؛ زوجتي تستحق أفضل من ذلك.. أطلب منكم التدخل، لأن رئيس الولايات المتحدة استولى على أمر ليس من حقه، هو ذكرى زوجتي الراحلة، وأفسده بحسابات سياسية”. لكن الشركة رفضت وقالت له إنها تشعر بالأسف الشديد بشأن التصريحات التي سببتها له تصريحات الرئيس الأمريكي.
هجوم من مستخدمي تويتر على التطبيق بسبب “التضليل”
منذ مارس، يهاجم مستخدمو تويتر الموقع، بسبب قواعده لمكافحة التضليل الإعلامي حول وباء كوفيد-19، واتُّهم بسماحه لقادة العالم بترويج معلومات مضللة، بسبب تغريدات سابقة للرئيس البرازيلي جايير بولسونارو والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، حول كسر أوامر التباعد الاجتماعي والترويج لأدوية خاطئة. ليحدِّث تويتر سياساته ويطبِّقها لأول مرة على الرئيس الجمهوري الذي يفضل منصة تويتر للتواصل مع جمهوره.