أخبار الدار

الحريات الفردية في المغرب.. بين وازع الدين وسلطة القانون

الدار/  إعداد التقرير: أمين بوحولي – التوضيب: أيوب لعسيري

لازال النقاش مستمرا في المغرب بين المحافظين والحداثيين بشأن جدل الحريات الفردية، إذ نجد كل طرف ينتصر لطرحه مستعينا بأدلته وحججه، فالمحافظون يلوحون بالانصياع للنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وعدم الانحراف عن تعاليم الديانات السماوية، والحداثيون يدعون إلى إعمال حكمة العقل والفكر،  وإقامة دولة مدنية بعيدة عن العرف والعنف.

إليكم في هذا التقرير الأسبوعي، الذي ستلتقون به كل يوم خميس، واقع وأبعاد جدل الحريات الفردية في المغرب..

تشكل الحريات الفردية محطّ جدل ونقاش قويين بالمغرب، بين المحافظين والحداثيين، إذ أن الفئة الأولى تدعو إلى عدم التسامح مع بعض الممارسات، والتي في نظرها تسيء إلى تقاليد المجتمع الثقافية والدينية، وفي المقابل نجد أن الحداثيين تشدد على عدم تجريم كل أشكال الحريات الفردية، على غرار الممارسات الجنسية الرضائية، والإفطار في رمضان وحرية المعتقد والمثلية، إذن نحن أمام جدل يختلط فيه الديني بالقانوني، ونذكر في هذا الباب، الفتاتين اللتين توبعتا في إنزكان، جنوب المغرب، في يوليو 2015 بتهمة الإخلال بالحياء العام في قضية ارتدائهما تنورتين قصيرتين في الشارع، وأيضا الاعتداء بالضرب على شخص مثلي في مدينة فاس. وآخرها توقيف مثلي مراكش.

فالقانون الجنائي المغربي يتضمن فصولا تعاقب على تلك الممارسات التي يعتبر العديد من الحقوقيين أن الدولة لا يحق لها التدخل فيها، باعتبارها تدخل في خانة الحريات الفردية، في حين يرفضها آخرون ويعتبرون أنها تتعارض مع الإسلام، وبالتالي مع الدستور المغربي، من منطلق الفصل الثالث منه، الذي يؤكد أن الإسلام دين الدولة.

بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان، يعتبرون أن الدين الوحيد الذي يُستعمل ليكون عائقا أمام الحريات الفردية هو الإسلام، موضحين، في مناسبات عديدة، أن تفسيرات معينة للدين تُستغل ضد الحريات الفردية، مشيرين في الوقت نفسه، إلى وجود قراءات إسلامية تنويرية لصالح الحريات الفردية، على غرار اجتهادات الباحث في الدراسات الإسلامية، عبد الوهاب رفيقي.

ويشدد الحقوقيون أن القراءة المتطرفة للدين واستعماله ضد الحريات الفردية، تضع مسؤولية الإرادة السياسية محل نقاش، في إطار الدعوة إلى إقامة دولة مدنية.

في المقابل يؤكد المحافظون أن الأديان السماوية ومنها الإسلام أكبر حام للحريات الفردية والحريات الشخصية، مستدلين بآية قرآنية، "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، معتبرين أنها، تستند على أكبر الحريات، التي هي حرية المعتقد والدين.

ويفسر المحافظون أن الحريات الشخصية تبقى مُصانة ما دامت تمارس في إطار الحياة الشخصية. مؤكدين أن الإسلام يحرم التلصص و التجسس و اقتحام حميمية الأشخاص والأماكن، وأن لكل شخص حرية ممارسة حريته الشخصية كما يشاء. في حين يؤكدون على أن الفضاء العام يمتثل ويؤطره القانون والأخلاق والآداب العامة.

في حين يرى مراقبون قانونيون، أن هناك خلط بين الحريات الفردية وانتهاك القانون والنظام العام، موضحين أن ممارسة تلك الحريات في نطاق جماعي وفي فضاء عمومي تنظمه القوانين، التي توضع وفق الآليات الديمقراطية التي تحفظه، مشيرين إلى أن هناك عددا من الفصول في الدساتير التي تتوافق عليها الشعوب وتشكل النظام العام لأي مجتمع، وأن هناك أيضا القوانين التي تفصّل حتى القيود الممارسة على هذه الحريات، مضيفين أن المواثيق الدولية نفسها تضم تدابير تحد من بعض الحريات، ولكن بموجب القانون الوضعي وليس بمرجعية الدين".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى