تسبب تفشي جائحة فيروس كورونا “كوفيد- 19” في تغييرات كثيرة في يوميات وسلوكيات الرياضيين، خاصة بعد إعلان إلزامية الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي، الذي يبقى أفضل وسيلة للحد من تفشي الوباء.
والأكيد أن المكوث في المنزل لفترة طويلة، خاصة مع تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى عاشر يوليوز المقبل، ستكون له تأثيرات نفسية مختلفة على الرياضيين بسبب تغير النمط المعيشي، مما يجعل البعض يشعر بالضغط وتتسرب إلى البعض الآخر مشاعر سلبية كالقلق والغضب وحتى الإحباط .
وفي هذا الصدد، قال محمد بلماحي، رئيس الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات ، إن الجائحة تسببت في تغيير العادات والروتين اليومي للرياضيين عموما وممارسي سباق الدراجات على وجه الخصوص، وباتت مبعث قلق لهم في وقت نشطت فيه الإشاعات وتداول الأخبار الزائفة من قبيل التوصل إلى علاجات مشكوك فيها، لسهولة الوصول إلى وسائل الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي .
لذلك، يضيف بلماحي في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، يجب اعتماد سلوكيات تساعد وتمكن الرياضيين من التغلب على المشاعر السلبية مع مرور الوقت، حيث يمكن السيطرة على حالة عدم اليقين وعدم الراحة إذا ركز الأفراد على التحكم في روتينهم اليومي وعلى ما هو في الواقع تحت سيطرتهم، بل ومن المهم أيضا اعتبار حالة الطوارئ رغم تمديدها، تحديا إيجابيا، وأن كل هذه المشاعر السلبية هي استجابات طبيعية عند حدوث أي تغيير.
وقال بلماحي، إنه يجب على جميع الرياضيين أيضا مواصلة التداريب تدريجيا، وعدم التركيز فقط على الجاهزية البدنية واللياقة الجسمانية، حيث يلعب الاستعداد الذهني والنفسي دورا كبيرا كذلك، خاصة بعد تأجيل أو إلغاء العديد من المسابقات الوطنية والجهوية والدولية، ومن أبرزها أولمبياد طوكيو 2020، التي كان يأملون المشاركة فيها باعتبارها أكبر حدث رياضي كوني، بسبب القيود المستمرة التي قد تستغرق فترة من الزمن.
وأوضح أن تأجيل كافة السباقات الدولية والقارية والمحلية وتعليق الأنشطة الرياضية بكافة صورها، هي وضعية فرضتها الأزمة الصحية، وأدت إلى بروز العديد من الإشكاليات منها مستقبل العقود المبرمة في البيئة الرياضية سواء الفردية أو الجماعية وعقود الرعاية أو عقود احتراف اللاعبين في الأندية، بالإضافة إلى عقود العاملين من غير اللاعبين التابعين للجامعات الرياضية وخاصة في الشق المتعلق بالمراكز القانونية لأطراف العقود، وما يترتب عليها من التزامات مالية قد تحتاج لإعادة التوازن العقدي في ضوء التكييف القانوني للجائحة.
وفي السياق ذاته، دعا بلماحي إلى عقد اجتماعات لمناقشة التحديات وبحث الإشكاليات المتعلقة بمستقبل الأنشطة الرياضية بكافة جوانبها القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سيما وأن الرياضة المغربية لها التزامات دولية وقارية .
ولا يختلف اثنان في كون الرياضة المغربية تؤثر بشكل إيجابي وواضح على الاقتصاد المحلي والوطني، إذ تساهم في إثراء سوق الشغل (لاعبون ومدربون ومعدون بدنيون وأطر إدارية وغيرهم)، وتحقق الكثير من المكاسب بفضل التظاهرات الوطنية أو العالمية أو القارية، واستضافة البطولات التي تساهم في استقطاب عدد كبير من المنتخبات والوفود المرافقة لها، الذين يحتاجون إلى الإقامة والإطعام وزيارة المآثر السياحية، مما يدر دخلا على الخزينة.
كما تستفيد الأندية المحلية باستضافتها للبطولات القارية والدوريات الدولية من مداخيل بيع التذاكر، ما يساهم في زيادة أرباح تمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية.
وخلص بلماحي إلى أنه على الجهات الوصية والجامعات الرياضية والمستشهرين توفير الظروف المادية والمعنوية، التي تمكن الرياضة المغربية من إعادة الإقلاع عند انتهاء حالة الطوارئ، مع جعل صحة وسلامة الرياضيين من الأولويات.
وتترقب رياضة سباق الدراجات كباقي الأنواع الأخرى العودة إلى نشاطها الرياضي المتوقف منذ مارس الماضي، لكن الرجوع يجب أن يكون حذرا وتدريجيا وبتنسيق تام مع السلطات الإدارية والصحية مع الالتزام بالتدابير الوقائية، حيث تبقى صحة الدراجين والأطر التقنية من أولويات الجامعة.
ويذكر أن أول بطولة عالمية لسباق الدراجات على الطريق أقيمت سنة 1927، فيما كانت أول مشاركة في الأولمبياد منذ بداية إقامتها في التاريخ الحديث عام 1896 في دورة أثينا باليونان في صنفي سباق الدراجات وسباق المضمار.
ولم تتوقف سباقات الدراجات منذ ذلك الحين، إلى هذه السنة حيث غابت بسبب تفشي جائحة كورونا، حفاظا على صحة المتسابقين. وأعد الاتحاد الدولي برنامجا لاستئناف السباقات الدولية والقارية بعد هذا التوقف الاضطراري والذي سينطلق بسباقات في إيطاليا وفرنسا ( طواف فرنسا الشهير) .
المصدر: الدار ـ و م ع