الدار/ رضا النهري:
صار العالم يرى ضوءا في نهاية النفق، وأفرجت الكثير من البلدان عن مواطنيها تدريجيا في انتظار الإفراج النهائي، ولم يعد الناس يتابعون، بشوق ولهفة، أخبار العثور على لقاح سريع وفعلا ضد فيروس “كورونا”، لأنهم اعتقدوا أن الحاجة لم تعد ملحة لهذا اللقاح لأن العالم يتعافى من تلقاء نفسه.
هذا أكبر وهم وقع فيه الناس، فالضوء في نهاية النفق موجود فعلا، لكن لا أحد يعرف طول النفق، وكم على البشرية أن تسير داخله حتى تصل إلى نهايته، وفي انتظار الوصول إلى نهاية النفق، يبقى من الضروري الاطلاع على ما يوجد في النفق.
حتى الآن تراجعت “القوة القتالية” لفيروس كورونا كثيرا، فالبلدان التي كانت تسجل مئات الوفيات يوميا لم تعد تسجل سوى بضع عشرات، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا، لكن معدل الإصابات لم يتغير كثيرا.
لكن الأوضاع تكاد تبقى على طبيعتها في بلدان مثل البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤشر على أن القدرة القتالية للفيروس يمكن أن تتحقق في بلدان دون غيرها، وأنه يقتل هناك ويخفت هنا، والمستقبل لا أحد يستطيع التكهن به، حتى الراسخون في العلم.
أسوأ ما يحدث الآن هو أن البلدان التي شهدت انحسارا كبيرا للفيروس تعود لتسجل الكثير من معدلات الإصابة. فالصين التي كانت تتباهى بانتصارها على الفيروس بدأت تدق نواقيس الخطر، وفرضت مؤخرا حجرا كاملا على عاصمتها “بيجين”، ويبدو أن الوضع هناك لا يمكن لأحد التكهن به.
ولن يعتبر الوضع في إسبانيا والبرتغال أقل سوءا. فالبرتغال التي كان الوضع الصحي بها، في الأشهر الماضية، شبيها بالمعجزة، لأنها مجاورة للحالة الكارثية في إسبانيا وكانت تسجل معدل إصابات ووفيات منخفض، عادت مؤخرا لكي تشهد ارتفاعا كبيرا في الإصابات، والبرتغاليون يخشون من تحولهم إلى نموذج إسباني.. وهذا ما يؤرقهم بالفعل.
وفي بلدان مثل فنزويلا والأرجنتين والسعودية لا تزال الإصابات ترتفع بشكل غير مسبوق، بينما انتبه المغاربة، فجأة، إلا أن الفيروس لا يمزح، حين تم تسجيل قرابة مائتي حالة في بؤرة صناعية فلاحية بنواحي القنيطرة.
أمثلة كثيرة تجعل الناس ينتبهون إلى أن الفيروس باق.. وأن المهدد بالاختفاء هم البشر.