عجوز تتحدث أربع لغات وتمتهن التسول أمام أبواب المساجد بوجدة
الدار/ هيام بحراوي
تجلس وهي ترتعد من شدة البرد، أمام أحد المساجد، يداها الذابلتان تتحدثان عن سنوات من التضحية والعمل. بإحدى شوارع مدينة وجدة، تلتحف غطاء بنيا غليظا يقيها برودة فصل الشتاء. إنها سيدة في الثمانينات من عمرها، تتحدث أربع لغات حددتها في الفرنسية والألمانية والإنجليزية والإسبانية، وبسبب ظروف قاهرة، خارجة عن إرادتها، تقول لموقع "الدار"، امتهنت التسول، لتلبي حاجيات أحفادها، الذين توفي والدهم أطفالا.
بعد تخلي زوجة ابنها البالغة من العمر آنذاك 24 سنة عن تربية أبنائها، بعد قرارها للعيش في كنف زوجها الجديد، تحكي الجدة بأنها هي من تكفلت بتربيتهم، رغم الظروف القاسية، مشيرة إلى أن والدتهم قالت لها: "دخليهم الخيرية، أنا مازال صغيرة، باش نتكلف بيهم، أنا مابغيتش، ولكن دايراهم بحال ولادي وأكثر.. وأمهم لا تسأل عنهم".
همّ الجدة الوحيد حاليا، هو أن الاستمرار في تربية أحفادها، والحرص على تعليمهم، وإيوائهم، مشددة على أن أداء واجب كراء البيت، يؤرقها نهاية كل شهر.
تتحدث الجدّة متحسرة "إلى ماخدمتش على روحي ماكاينش لي دخل علي حتى قبطة النعناع". دليل على وضعها الإقتصادي المتأزم، فأصغر أحفادها لا يتجاوز عمره سبع سنوات.
تصبر الجدة المسنة، وسط أجواء البرد والصقيع، والأمطار، تتنقل من شارع لآخر حتى لا يكتشف أمرها، بين أحفادها، مطالبة يد المساعدة من المحسنين، خاصة وأن وضعها الصحي، تسجل المتحدثة، لا يسمح بمزيد من التنقل بين الأزقة.