الدين والحياةسلايدر

عبادي: الشريعة لاتتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان بل تغنيه بآليات التفعيل والاجراء

الدار/ خاص

 أصدرت الرابطة المحمدية للعلماء دراسة علمية محكمة للدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، همت تبيان مكانة حقوق الإنسان كمقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية.

وأكد أحمد عبادي أن هذه الدراسة رامت الانخراط في العكوف الكوني على معالجة جملة من القضايا والإشكالات ذات العلاقة بتنزيل مختلف أجيال حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها كونيا على أرض عالمنا المعولم، في مراعاة لمقتضياته السياقية المختلفة والمتداخلة، وكذا في مراعاة للمستلزمات المعرفية والثقافية والتشريعية المقاصدية، واستحضار لمختلف الآليات الممكنة من حسن التنزيل والتفعيل في هذا الباب.

وأضاف أنه تبين من البحث، أن الشريعة الإسلامية ليست فقط غير متعارضة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإنما تكتنز قوة اقتراحية، من شأنها، إغناؤه، وتزويده بجملة من آليات التفعيل والإجراء، ولاسيما في مجال القرن الوظيفي الممقدر “dosé” للحق بالواجب، كما تبين أثناء الحديث عن الجيل الثالث من حقوق الإنسان.

 ولا شك أن هذه المقاربة، يشدد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، من شأنها تجاوز الكليشيه  المعتاد الذي مفاده، وكما يقول الباحث (Jason Morgan Foster): “أن بعض الثقافات تتلكؤ في قبول الحقوق التي تبنّاها معظم عالمنا باعتبارها أساسية”.

ولأنه يتبين في هذه الحالة، للعبرة، يقول الدكتور عبادي،  أنه على العكس من ذلك تماما، فإن الثقافة الإسلامية ليست وراءً، بل هي رائدة، حيث إن خطابها التشريعي مقدّرٌ، ومُقتدى بهذا الصدد، مما من شأنه أن يمنح منظورا منعشا للتداول حول كونية حقوق الإنسان.

ولأهمية هذه الدراسة، سنعمل في موقع “الدار” على نشرها في سلسلة حلقات تعميما للفائدة، وشرحا للقول في هذا الموضوع الذي يكتسي راهنية كبيرة في سياقنا المعاصر.

  • العدالة

أ. العدالة في التوزيع

(مفهوم القَسْم) بين المسلمين، ومثال أراضي سواد العراق الرائع، حيث لم يوزعها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بين الفاتحين، وإنما وزعها على أهل العراق.

ب. العدالة الكونية

حلف الفضول “لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت[11]“، ويدخل في هذا: الوفاء بالعهود (الآليات والالتزامات والعقود بعد المصادقة عليها) ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ج. العدالة التصحيحية

والأصل فيها قوله تعالى: ﴿وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم، وكنّا لحكمهم شاهدِين. ففهّمناها سليمان، وكلا ـاتينا حكما وعلما﴾ (الأنبياء: 77-78)، حيث تروي كتب التفسير مراجعة سليمان، عليه السلام، لأبيه نبي الله داوود، عليه السلام، في الحكم، مما يعد نواة مقدرة للعدالة التصحيحية.

قال صلى الله عليه وسلم: “إنما أنا بشر، إنما أنا أقضي بينكم بما أسمع منكم، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من أخيه فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار[12].”

ويدلُّ على رجوع القاضي عن حُكمه في هذه الحالات ما ورد في كتاب عمر بن الخطاب، إلى أبي موسى الأشعري، رضي الله عنهما، حيث قال فيه: “ولا يمنعك قضاءٌ قضيتَ فيه اليوم فراجعتَ فيه رأيك، فهُديت فيه لرشدك، أن تُراجع فيه الحق، فإنَّ الحق قديم لا يُبطله شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل[13].”

د. العدالة السياسية

ومن ركائزها؛ مبدأ الشورى لقوله تعالى: ﴿وشاورهم في الاَمر﴾ (ءال عمران: 159)، وقوله سبحانه: ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾ (الشورى: 38)، ومبدأ شفافية الحكامةTranparency of governance، ومبدأ فصل السلط، وكل ذلك مؤطر بضرورة رعاية مصالح الناس، وهو ما أشار إليه علماء الأصول بقولهم: “تصرف الإمام على الرأي منوط بالمصلحة[14].”

  • المساواة تحت القانون

ومما يشهد لهذا المحدد آية: ﴿وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَاتُ بَعْضُهُمُ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (التوبة: 72).

وقوله تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ اَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُومِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمُ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل: 97) وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً، وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَّاءلُونَ بِهِ وَالاَرْحَامَ، إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ (النساء: 1)[15].

  • الحسبة العامة والخاصة

ونجد للحسبة أصلا في الآية: ﴿لاَ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَجْوَاهُمُ إِلاَّ مَنْ اَمَرَ بِصَدَقَةٍ اَوْ مَعْرُوفٍ اَوْ اِصْلَاحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ﴾ (النساء: 113)، وفي الآية: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُومِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا﴾ (الحجرات: 9). ويؤيد ذلك: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءَونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ، أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ﴾ (الرعد: 24).

ولا تقتصر هذه الفعالية على الفرد، وإنما تتعدى إلى الجماعة والدولة، فإذا كان الأمر بالمعروف واجب على الفرد المسلم، فإنه واجب على الجماعة، حيث يتعاون عليه الأفراد في الجماعات ويتشاورون فيه لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مّنْكُمُ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ﴾ (ءال عمران: 104)، وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ، وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلاِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: 3).

وهذا واجب على كل مسلم قادر، وهو فرض على الكفاية، ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره. وفي تسمية علماء الأصول، خصوصًا الأوائل، لها، بالفروض الكفائية، إيحاء، بأن القيام بها، من لدن القادرين، ينبغي أن يكون كافيًا للأمة، وإلا فإنها لا تسقط، ويبقى الإثم عالقًا بعموم الأمة، إلا أن غير القادرين، لا يبقون، بخصوص الفروض الكفائية، بدون مسؤولية، فالشرع يُرتِّب عليهم مسؤولية السعي، لإقامة القادرين[17].

  • لا ضرر ولا ضرار

ونفي الضرر ورفعه مقصد عليّ من مقاصد الشريعة الإسلامية، فلا يقبل كل فعل فيه ضرر على الفرد أو المجتمع في الحال والمآل، وهو ما يتساوق تماما مع مبدأ التيسير ورفع المشقة الذي يعد بدوره مقصدا أساس من مقاصد التشريع في الإسلام؛ ﴿يُرِيدُ اللهُ بكُمُ اليُسْرَ ولا يريدُ بكُمُ العسرَ﴾ (البقرة: 185).

  • تحريم الظلم

إن النصوص التي تحث المسلمين، على تحريم الظلم، والسعي إلى ضمان حقوقهم، وترغِّب في ذلك، أكثر من أن تُحصى[19]، في هذا المقام.. والمتعامل معها، يلاحظ، أن في الإسلام نظامًا كاملاً، لإقامة العلاقات الاجتماعية، بين الناس، على وجه يُبْعِدُ كلَّ الأدواء، التي تَنْخر كِيَان المجتمعات، عن المجتمع الإسلامي. وهو نظام حري، بأن يُبحث فيه، وتُوَضَّح معالمُه، في دراسة جادة موضوعية مستقلة.

وبذلك، فإن هذا المقصد، تحريم الظلم، يمكن أن يعتبر من المقاصد المركزية في الشريعة الإسلامية. ومن شواهد ذلك قوله تعالى: ﴿ولا يظلم ربك أحدا﴾ (الكهف: 48) ﴿والله لا يحب الظالمين﴾ (ءال عمران: 56)، وفي الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا[20].”

وهو ما تجلى في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي تزخر بحرصه عليه الصلاة والسلام على إيفاء أهل الحقوق أفرادا وجماعات حقوقهم[21].

رابعا: آليات التعاطي والتنزيل

حيث إن جلَّ المصالح التي تقوم عليها حياة الأمم وارتفاقاتها، وفي لبّ ذلك ضمان حقوق الخلق، تحتاج إلى اجتهاداتٍ مستأنفةً في كل حين قصد تَبيُّنِها، ومَقْدَرَتها، وتقعيدها، وتقنينها، من أجل تنزيلٍ مُتَّزِنٍ لها على أرض الواقع، كان لابد من آليات تمكّن من جلب هذه المصالح، ودرء ما يهددها من مفاسد في سياقاتها المختلفة، نظرا في المعتبر من هذه المصالح، واعتباراً للمآلات، وتحقيقاً للمناطات، وتنقيحاً لها، وأخذاً بمبدأ سد الذرائع وفتحها على السواء، واعتبارا لأصل الاستحسان، والموازنة الدقيقة بين المصالح والمفاسد، جلباً للأُولى إن رجحت، ودفعاً للثانية إن غلبت، تسديدا وتقريبا وتغليبا.

ومن آكد هذه الآليات:

  • إعمال أصل المصلحة المعتبرة

مقاصد الشريعة[22] على اختلاف أقسامها ووسائل إثباتها ومستوياتها، تتركز في مقصد كلي جامع جرى التعبير عنه تارة بـ”جلب المصالح ودرء المفاسد”، وتارة بـ”تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها”[23].

  • إعمال أصل سد الذرائع

“أصل سد الذرائع[24]” وجه آخر من وجوه رعاية مقصود الشارع في حفظ حقوق الإنسان ورعايتها، هذا بالإضافة إلى أصول أخرى، وقواعد تميز بها المذهب المالكي، وكانت السبب المباشر في ولوع علمائه بالمقاصد[25].

  • إعمال أصل “فتح الذرائع

بما أن المراد بالذريعة ما يتوصل به إلى مفسدة فتكون ممنوعة، أو إلى مصلحة فتكون مطلوبة، فإنّ الذريعة لا يكون المطلوب سدها دائما، بل يكون سدها أو فتحها خاضعا لحكم ما أفضت إليه. وبمعنى آخر، فسدها أو فتحها، منوط بما تفضي إليه من المقاصد والحكم. قال الإمام القرافي: “اعلم أن الذريعة كما يجب سدّها، يجب فتحها، ويكره ويندب ويباح، فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة والحج[26].”

وأشار صاحب المراقي[27] إلى فتح الذرائع بقوله:

سدّ الذرائع إلى المحرّم          حتمٌ كفتحِها إلى المُنحتم

وبخصوص ما قررناه في هذه الفقرات من ضرورة فتح الذرائع الجالبة للمصالح، فإننا نجد علماء الأمة قد قرروه في قواعد محكمة، من قبيل قاعدة: “مالا يتم المأمور إلا به” أو “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب[28]“. فتسد الذرائع دون ما يمنع تحقق مقصد ضمان حقوق الإنسان، وتفتح أمام ما يسر ذلك ويسهم فيه.

وأصل سد الذرائع أو فتحها يحيلنا على أصل ثان مكمل هو أصل اعتبار المآل[29].

  • إعمال أصل اعتبار المآل

 اعتبار مآل الأفعال من المقاصد المهمة من الشريعة. قال الشاطبي: “النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام والإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، مشروعا إلى مصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه؛ وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه، أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة، أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية.

وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية، ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد؛ فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية. وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق، محمود الغب جارٍ على مقصد الشريعة”[30].

والنظر إلى مآل المجتمع الضامن لحقوق إنسانه، كما النظر إلى مآل المجتمع المهدر لها، يفرض تقديم القياسات الضامنة لحقوق الإنسان، وإن خفيت، على القياسات كلها وإن كانت جلية، وهذا يقودنا إلى آلية الاستحسان.

  • إعمال أصل الاستحسان

بيَّن الإمام الشاطبي بعض معاني الاستحسان الذي هو أخذٌ بالمصلحة عند المالكية قائلاً: “الاستحسان في مذهب مالك: الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلِّي؛ لأنه يقوم على التيسير ودفع المشقة ورفع الحرج عن الناس. ومقتضاه: الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسَل على القياس؛ فإن من استحسن لم يرجع إلى مجرد ذوقه وتشهّيه، وإنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة، في أمثال تلك الأشياء المفروضة[31]، كالمسائل التي يقتضي القياس فيها أمراً إلا أن ذلك الأمر يؤدي إلى فوت مصلحة من جهة أخرى، أو جلب مفسدة كذلك[32].”

فآلية إعمال أصل الاستحسان، اعتبارا لمآل إهدار حقوق الإنسان وضمانها، يمكّن من القيام بترجيحات معتبرة بهذا الخصوص، مما يفتح ذريعة العدالة، ويسدّ ذريعة الظلم.

  • إعمال فقه الموازنات

قال الشاطبي: “وإنا وجدنا الشارع قاصداً لمصالح العباد، والأحكام العادية تدور معها حيث دارت، فترى الشيء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة، فإذا كان فيه مصلحة جاز[33].”

ومفاد ذلك؛ وجوب الموازنة بين الاحتمالات الممكنة في غير المحكم من الأحكام، ترجيحا وموازنة بين ما تحققه تنزيلاتها في إطار الشرع الحنيف، وبمقاييسه وموازينه، من المصلحة في الظرف الواقعي المعين، ثم اعتماد الاحتمال الذي يرجُح أنه أكثر تحقيقا للمصلحة بضوابطها الشرعية المبينة في أماكنها، واعتبار ذلك هو الحكم الشرعي في تلك الحالة، وهذا مناط الاجتهاد، فيما مردّ الأحكام فيه إلى النظر.

 ومن تداعيات الوعي العميق عند علمائنا بهذه الآليات في النظر، كونهم درجوا على ألا يسقطوا من اعتبارهم الآراء المرجوحة في تراثنا الفقهي؛ إذ هي ذخيرة اجتماعية قد تمس إليها الحاجة في أوضاع لاحقة مختلفة، فما لم يرجح في واقع عيني مشخص نظرا لملابِسات وسياقات معينة، قد يضحى راجحا ضمن ملابسات وسياقات أخرى، وفقه إمام دار الهجرة إمامنا مالك، رضي الله عنه، يحضر فيه هذا الوعي العميق بشدة، لانبنائه على قواعد واقعية كعمل أهل المدينة، والاستحسان، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع.

وفقه الموازنات فقه دقيق يقتضي أن يكون المُعمِل له (فردا كان أم جماعة) ريّانا من علوم النص وعلوم السياق، وعلى دراية بالعواقب والمآلات، مما ينتج عنه ملكة في الترجيح والتغليب، بعد القيام بالتسديد والتقريب، وجليّ أن ذلك من معضدات ضمان حقوق الإنسان في المجتمعات.

زر الذهاب إلى الأعلى