حقوقيون.. يمتهنون التشهير
الدار/ خاص
هل يحق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تفشي سر محادثاتها مع ضحية جريمة اغتصاب لاذت بها طلبا للمؤازرة والدعم على المستوى الحقوقي؟ وبماذا يفسر عزيز غالي ورفاقه وشايتهم بالصحفية الضحية لمغتصبها المفترض عمر الراضي؟ أليست المجالس أمانات كما تقول الحكمة العربية؟ أو ليس العمل الحقوقي يقتضي تحصين شكايات الضحايا من النساء درءا لاستهجانهم وازدرائهم على أساس الجنس في مجتمعات لازال فيها العقل الذكوري ينهض بدور البطولة الوهمية؟
للأسف الشديد، لقد أخلفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان موعدها مع مناط وجودها، عندما بادرت بالوشاية وإفشاء ما دار بينها وبين ضحية الاعتداء الجنسي من طرف عمر الراضي. والأنكى من كل ذلك، أنها أوشت بالضحية لمغتصبها المفترض وليس لشخص أو جهة أخرى، وكأن رفاق عزيز غالي يزكون ويباركون حقوقيا جرائم الاعتداء الجنسي بصفة عامة، والجرائم الماسة بالنساء بصفة خاصة، وذلك عبر تشجيع وتحفيز الجناة المفترضين على الإفلات من العقاب.
والمثير في كل هذا الموضوع، أن عمر الراضي هو نفسه من أوشى بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان وليست الضحية أو وسائل الإعلام أو مؤسسات الدولة! فقد ادعى عمر في بيان منسوب له أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اتصلت به وأعلمته بأن سيدة تتهمه باغتصابها، وأنها تطلب المؤازرة على المستوى الحقوقي. لكن المعطى الأكثر إثارة، هو أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لم تصدر أي بيان حول استقبالها للضحية المفترضة، ولا أعلنت عن موقفها من شكايتها، وإنما اقتصرت، حسب بيان عمر الراضي، على الوشاية بالضحية لمغتصبها، وإفشاء أسرار الشاكية للمشتكى به نفسه، في أسلوب تشهيري رخيص لا يليق نهائيا بمنظمات غير حكومية ترفع يافطة الدفاع عن حقوق الإنسان.
ولم يقتصر أسلوب “الوشاية في صيغة التشهير” على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بل حتى المعطي منجب اختار الدفاع عن “براءة” عمر الراضي عبر بوابة “التجسس والتشهير بالضحية”! فقد نقل عن الصحفية عايدة علمي مزاعم مؤداها أن هذه الأخيرة “حصلت على مبادلات نصية بين الضحية وعمر الراضي، تطلب فيها الأولى من الثاني الالتحاق بها في فراشها”. أليس هذا إمعانا في التشهير بالضحية المفترضة، بصرف النظر عن التساؤل المشروع عن كيفية الوصول إلى تلك المبادلات الشخصية؟ وهل الدعوة للفراش، كما يزعم المعطي منجب ومصدره، تُسوّغ المواقعة بالعنف والإكراه على الجنس؟ إنه فعلا زمن ” التشهير الحقوقي بالضحايا والتشجيع على الإفلات من العقاب للجناة المفترضين”.
لكن أغرب ما كتب من تدوينات وتعليقات حول قضية عمر الراضي وضحيته المفترضة، هو ما دونته خديجة الرياضي في حائطها الفايسبوكي من دعوة صريحة لإذكاء هدير “الثورة” في الشوارع العامة بالمغرب. فالحقوقية المناضلة باسم النهج الديموقراطي طالبت ب”هبّة شعبية”(بفتح الهاء) على غرار حركات التدافع الجماهيري التي أفرزها الربيع العربي.
فمن المؤسف حقا، أن يحفل الحقل الحقوقي المغربي بمثل هذه الشخصيات التي ترى أن إنعاش ثقافة حقوق الإنسان يجب أن يمر حتما عبر “الاضطرابات والتوترات الاجتماعية التي تسيل فيها دماء المغاربة على إسفلت الطرقات”، وأن “التدافع الحقوقي يفرض الإخلال بمرتكزات النظام العام وتقويض السلم الاجتماعي الذي ينعم به المغاربة في محيط إقليمي موسوم بالاضطرابات”. فمثل هؤلاء الأشخاص لا يناضلون من أجل حقوق الإنسان خالصة لوجه الإنسان، وإنما يمتهنون النضال السياسي الجدري أو الراديكالي. لأنهم لو كانوا يناضلون حقا من أجل الحقوق والحريات، لكان حريا بهم الدفاع عن حقوق السيدة التي كانت ضحية عمر الراضي، لا التشهير بها والوشاية بمطالبها لمغتصبها.
معا جميعا ضد #حقوقيو_التشهير