لاجئون سمح لهم بمغادرة مخيم “الجحيم” في اليونان ينتهي بهم الأمر على قارعة الطريق
أخيرا سمح لأمير حسين بمغادرة مخيم المهاجرين المريع في موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية، لكن القرار الذي كان من المفترض أن يضع حدا لمعاناة استمرت عاما كاملا، شرد الفتى الأفغاني البالغ 14 عاما مع عائلته التي انتهى بها الأمر على قارعة الطريق في أثينا.
ويقول الفتى الأفغاني الذي افترش طوال الأسبوع الماضي أرض ساحة فكتوريا في وسط العاصمة اليونانية “بعدما (عشنا) الجحيم في موريا، لم نكن نتوقع ان نجد أنفسنا على قارعة الطريق في أثينا”.
وفي الأيام الأخيرة خيم نحو مئة شخص غالبيتهم من اللاجئين الأفغان في الساحة وسط درجات حرارة تخطت الثلاثين مئوية.
ومنح أمير مع والديه واثنين من أقاربه يبلغان سنتين وسبع سنوات حق اللجوء قبل أكثر من شهر، وسمح لهم بمغادرة مخيم موريا والتوجه بحرا إلى أثينا.
ويوضح أمير لوكالة فرانس برس “طلب منا القيمون على المخيم مغادرة موريا لكن هم لم يقولوا لنا إلى أين نذهب، أو إلى أين (نتوجه) للحصول على مساعدة”.
وأصدرت السلطات اليونانية قانونا جديدا يقلص المدة المسموح للاجئين البقاء فيها في المخيمات أو مراكز الإيواء التي تديرها الأمم المتحدة من ستة أشهر إلى شهر واحد بعد منحهم حق اللجوء.
وتقول الحكومة إن هذا التدبير ضروري للتخفيف من الاكتظاظ المزمن الذي تعاني منه المخيمات.
ويعيش أكثر من 26 ألف شخص في مخيمات أقيمت في جزر ليسبوس وساموس وخيوس وليروس وكوس في اليونان، تتسع لـ6095 شخصا كحد أقصى.
وبالإضافة إلى إخراجهم من المخيمات، تقطع السلطات عنهم الميزات الطارئة التي كانوا يحصلون عليها بعد شهر من منحهم حق اللجوء، علما أنهم يصبحون مخولين تقديم طلبات للحصول على رقم ضريبي وآخر للضمان الاجتماعي، والبحث عن عمل.
وتؤكد هيئات مساعدة اللاجئين أن هذا الأمر صحيح تقنيا، لكن في الحقيقة يواجه مقدمو الطلبات صعوبات عديدة، لعل أبرزها الكره للأجانب.
ويقول العراقي سينا البالغ 18 عاما والذي كان من المفترض أن يكون في الجامعة حاليا “لاستئجار شقة نحتاج إلى رقم ضريبي لا يمكن الحصول عليه من دون عنوان دائم”.
ويضيف “نواجه بيروقراطية عبثية وما من أحد يساعدنا”.
وكانت اليونان في طريقها للتعافي من أزمة ديون استمرت عشرة أعوام وسط شح في الوظائف المتاحة قبل بدء جائحة كوفيد-19 التي يتوقع أن تفاقم مشكلة البطالة.
وتقول فرسيلا، وهي أم تربي بمفردها ابنة تبلغ خمس سنوات “قطعت المساعدة المالية التي كنا نتلقاها حالما نلنا حق اللجوء”.
وتوضح “لا نملك المال الكافي لاستئجار شقة، لكن لا يمكننا البقاء لوحدنا في الشارع، الأمر خطير للغاية”.
ويقول اللاجئون الذين يحصلون على مداخيل شحيحة إن مالكي الشقق يرفضون تأجيرها لهم.
وتضيف سينا التي وصلت إلى أثينا قبل ثلاثة أسابيع “متى أمكن، نمضي ليلة في فندق. لكن أموالنا تنفد ومن الصعوبة بمكان إيجاد عمل”.
وتدير المنظمة الدولية للهجرة برنامجا منفصلا يحمل اسم “هيليوس” يوفر دروسا لتعلم اللغة ويساعد اللاجئين في البحث عن عمل وسكن.
لكن القدرة القصوى للبرنامج تبلغ 3500 شخص.
وتقول مارين بيرتي المنسقة الطبية في منظمة “أطباء بلا حدود” الخيرية إن بين المشردين أشخاص يعانون من مشاكل صحية خطيرة، وحوامل يفترشن الأرض.
وتضيف “في خضم جائحة (كوفيد-19) العالمية، يتعين على الحكومات حماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر لا رميهم في الشارع”.
وتقول فاريبا وهي أفغانية تبلغ 24 عاما إن الشرطة اليونانية حضرت قبل بضعة أيام لنقلها إلى مكان آخر.
وتضيف “أرادوا نقلنا إلى مركز احتجاز مغلق. لم نشأ ذلك، المكان غير ملائم للعائلات”.
وبين عامي 2015 و2016 وصل إلى اليونان أكثر من مليون شخص بين مهاجر ولاجئ، وفق المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. وحاليا تستقبل البلاد نحو 120 ألفا منهم.
وأعلنت مدينة أثينا عن مشاريع لإيواء 500 لاجئ مشرد بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
وتتحدث فاريبا عن الرعب الذي عاشته على مدى تسعة أشهر مع شقيقها البالغ 14 عاما في مخيم موريا ذائع الصيت حيث تكثر أعمال القتل طعنا.
وتقول “ليليا، كان الخوف يعتريني بسبب المشاجرات. كنت أعتقد أني سأحظى بحياة أفضل بمجرد أن أصل إلى أثينا”، مضيفة “الآن، لم أعد واثقة من ذلك”.