تحرص العديد من الأسر المغربية بالدار البيضاء، على تحضير “القديد” أو اللحم المجفف، تشبثا منها بالتقاليد المتوارثة المتمثلة في حفظ وتخزين لحم عيد الأضحى، وذلك من أجل استعماله في إعداد أطباق تقليدية مغربية لذيذة ومتنوعة، تقدم في العديد من المناسبات.
ويتم تحضير “القديد” من لحم الأضحية المقطع إلى شرائح رقيقة يضاف إليها الملح إلى جانب بعض التوابل والزيت …، ثم تعرض تحت أشعة الشمس لتجفف بهدف حفظها من التلف، وإعدادها في مجموعة من الوجبات .
وما تزال عدد من ربات البيوت بالعاصمة الاقتصادية، كما هو الشأن بالنسبة لمناطق أخرى ، تحافظن على هذه العادة الضاربة في عمق التاريخ ، وعلى رأسها إعداد “القديد”، بالطريقة القديمة ، ليتم استهلاكها على مدار السنة.
فهذه التقاليد المتعلقة تحديدا “بالقديد” ما تزال مترسخة في الذاكرة الجماعية رغم تعاقب الأزمنة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا كانت هذه العادة تختلف من منطقة إلى أخرى خاصة بين العالمين الحضري والقروي، فإن الأسر المغربية بالدار البيضاء، تعمل جاهدة على الحفاظ على هذه العادة بل وعلى إحيائها، حتى لا يغيبها النسيان وتحولات العصر، إذ تعمل العديد من المغربيات على تلقين الأجيال الصاعدة كيفية تحضيره، إصرارا منهن على الاحتفاظ بهذه العادة المتوارثة.
ويحضر “القديد” على الخصوص على مستوى أطباق الكسكس في يوم الاحتفال بعاشوراء خاصة عند سكان البوادي، الذين لا يزالون متشبثين بهذه العادة .
وهو ما أسرت به عائشة (ربة بيت)، لوكالة المغرب العربي للأنباء، موضحة أنها تعمل كغيرها من المغربيات ، على تحضير “القديد” كلما حل عيد الأضحى المبارك، حتى ترسخ طريقة إعداد هذا اللحم المجفف المتوارثة في ذاكرة الأجيال، كي لا يمحوها الزمن.
وبخصوص طريقة الإعداد أشارت إلى أنه يتم تقطيع لحم أضحية العيد على شكل شرائح رقيقة في الأيام الموالية ليوم العيد، قبل إضافة ما تسميه “القوام” أي التوابل وغيرها، ثم بعد ذلك تجفيفه.
وذكرت عائشة أن “القديد” طريقة قديمة لتجفيف اللحوم بهدف حفظ لحم الأضحية من التلف لمدة طويلة، خاصة في المناطق النائية، حيث كانت السكان يعانون من عدم توفر الكهرباء وأجهزة التبريد.
ومن جانبها، استعرضت فاطمة (ربة بيت) طريقة إعداد “القديد” عبر خلط أجزاء اللحم، بعد إضافة مادة الملح، ويترك ليوم كامل، ويتم تكرار هذه العملية مرة أخرى على مدى أيام، ومن ثم يتم إضافة كل من الزيت، والقزبر، إلى جانب بهارات (الكركوم)، والإبزار، والزنجبيل، والثوم، ويتم خلط الجميع ، وتركه نصف يوم حتى يجف، وبعد ذلك، يوضع تحت أشعة الشمس، لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام حتى يصبح لحما مجففا.
وخلصت فاطمة إلى أنه بعد بلوغ المرحلة النهائية يصبح اللحم جافا وجاهزا للاستهلاك، فيتم حفظه بشكل خاص ومحكم سواء من خلال وضعه في أكياس بلاستيكية، ثم يوضع في الثلاجة لحفظه.
في الحياة المغربية تتعاطى كل أسرة مع عادات عيد الأضحى بطريقتها الخاصة، فهناك من يساير العصر عبر اللجوء إلى الاحتفاظ بلحم الأضحية في الثلاجات وغيرها، لكن العديد من الاسر ما تزال تعض بالنواجد على العادات الأصيلة المتوارثة منها تخزين لحم الأضحية عبر تحويلة إلى “قديد”، فالعبرة في التشبث بالعادات الأصيلة، وأيضا في لذة “القديد” التي لاتقاوم.
المصدر: الدار- وم ع