حين أعلن يوفنتوس عن تعيين نجمه السابق أندريا بيرلو مدربا لفريق تحت 23 عاما نهاية الشهر الماضي، قال رئيس النادي أندريا أنييلي أن “أندريا بيرلو يبدأ مسارا قد يقوده في يوم من الأيام الى قيادة الفريق الأول”.
أحد لم يتوقع أن يكون هذا اليوم الذي توقعه أنييلي قريبا الى هذه الدرجة، لكن ظروف الخروج المخيب من ثمن النهائي دوري أبطال أوروبا الجمعة على يد ليون الفرنسي، دفعت إدارة النادي الى التخلي عن ماوريتسيو ساري بعد موسم فقط مع الفريق، وذلك على رغم قيادة عملاق تورينو الى لقبه التاسع تواليا في الدوري المحلي.
بدأ الحديث قبل وبعد الإقالة عن الاسم الذي يمكن أن يخلف ساري، وركزت التقارير على الأرجنتيني ماوريتسيو بوكيتينو الذي يبحث عن وظيفة منذ إقالته من توتنهام الإنكليزي في نوفمبر 2019، مدرب ريال مدريد الإسباني نجم الفريق السابق الفرنسي زين الدين زيدان، ومدرب لاتسيو سيموني إينزاغي.
لكن الإدارة وأنييلي فاجأوا الجميع باللجوء الى نجمهم السابق بيرلو، ابن الـ41 عاما الذي يفتقد الى الخبرة التدريبية اللازمة لقيادة فريق من عيار “السيدة العجوز”.
القرار الذي اتخذه أنييلي بتعيين “المايسترو” مدربا للفريق، يعيد الى الأذهان ما قام به برشلونة الإسباني عام 2008 حين عين لاعبه السابق جوسيب غوارديولا مدربا للفريق الأول رغم خبرته التدريبية المتواضعة، أو ما فعله عملاق العاصمة الإسبانية ريال مدريد عام 2016 حين أوكل مهمة الاشراف على الفريق الأول لنجم وسطه السابق زيدان بعد عامين فقط على توليه مهمته التدريبية الأولى مع فريق الشباب.
وأظهر العملاقان الإسبانيان أن خيارهما كانا في محلهما، إذ أصبح برشلونة أحد أفضل الفرق الأوروبية أداء وجمالية مع غوارديولا الذي قاده الى لقب الدوري ثلاث مرات والكأس مرتين والكأس السوبر ثلاث مرات، والأهم دوري أبطال أوروبا عامي 2009 و2011 بصحبة لقبي الكأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية خلال العامين ذاتهما.
– “من الطبيعي أن أعود الى العمل هنا” –
والأمر ذاته بالنسبة لزيدان الذي قاد النادي الملكي الى لقب دوري الأبطال ثلاث مرات تواليا، والدوري المحلي مرتين، ومثلهما الكأس السوبر الأوروبية ومونديال الأندية.
بالنسبة لأنييلي فإن “الفريق هو كناية عن ديناميكيات، علاقات شخصية وتعبيرات”، وبيرلو يتحدث من دون شك لغة اللاعبين، إذ فاز بأربعة ألقاب للدوري في صفوف يوفنتوس بين عامي 2011 و2015، قبل أن ينهي مسيرته الكروية في نوفمبر 2017 بعد ثلاثة مواسم قضاها في الدوري الأميركي.
يؤكد لاعب ميلان السابق أنه “حتى خلال سنوات الابتعاد عن النادي، حافظت على العلاقات. كان من الطبيعي بالنسبة لي أن أعيش في تورينو. ومن الطبيعي أن أعود الى العمل هنا”.
وأوضح “أفضل أن أتولى مسؤولية كبيرة، فهذا يجعلني أشعر بأني على قيد الحياة”، مضيفا أن طموحه “تكرار المسيرة التي حققتها كلاعب”.
الفارق بين بيرلو وزيدان وغوارديولا الذي لم تنحصر مسيرته التدريبية الناجحة ببرشلونة بل امتدت لبايرن ميونيخ الألماني وفريقه الحالي مانشستر سيتي الإنكليزي، أن الأخيرين أمضيا فترة مع الفريقين الرديفين قبل ترقيتهما الى الفريق الأول، في حين أن “المايسترو” يبدأ مباشرة من القمة من دون تسلق المراتب.
وتطرق بيرلو الى مقارنة وضعه بـ”غوارديولا وزيدان؟ الكل يرغب في أن يخوض نفس الرحلة. لكن عليك أن تكسب ذلك من خلال الخبرة”.
يعتقد زميل بيرلو السابق في ميلان ومدرب نابولي الحالي جينارو غاتوزو أن استلام منصب مدرب الفريق الأول ليوفنتوس سيكون صعودا حادا لزميله السابق، مضيفا بعد إقصاء نابولي من دوري أبطال أوروبا السبت على يد برشلونة “مبارك هو لبدئه (مشواره التدريبي) مباشرة مع يوفنتوس. أقول ذلك لأنها مهمة صعبة. لا يكفي أن يكون لديه مسيرة رائعة كلاعب، علينا أن ندرس ونعمل والنوم قليلا. أتمنى له حظا سعيدا”.
– الأكثر ملاءمة لطموحات النادي –
ومع ذلك، يُنظر الى تعيين بيرلو على أنه طبيعي بالنسبة ليوفنتوس الذي عزز علامته التجارية العالمية بفضل ضمه النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو مقابل 100 مليون يورو في صيف 2018 من ريال مدريد.
يُنظر الى عاشق الموضة والنبيذ على أنه الأكثر ملاءمة لطموحات النادي الراغب ببناء علامة تجارية ذات أسلوب عصري لجذب أسواق غير مستغلة في أميركا الشمالية وآسيا.
بالنسبة لمدير الكرة فابيو باراتيتشي، فإن التعاقد مع بيرلو كان “قرارا يعكس تماما ذهنية يوفنتوس. كان أمرا طبيعيا للغاية. نعتقد أن القدر لعب دوره، كان مقدرا له كلاعب أن يصبح مدربا”.
ورأى أن “في رأسه، لديه كل شيء لتحقيق النجاح. إنه شاب كان معنا، لعب معنا، وكان دائما على اتصال بنا. نحن في منطقة مجهولة. لم يفز أحد بتسعة ألقاب متتالية (في الدوري). لم يشهد أحد مثل هذه الدورة الطويلة من الانتصارات والتغييرات”.
لكن الفوز بالدوري الإيطالي ليس كافيا كما اختبر أليغري وساري، ويبقى معرفة كيف يمكن أن يساعد بيرلو يوفنتوس لتحقيق حلمه الأكبر باحراز لقب دوري الأبطال للمرة الأولى منذ 1996.
يرى المدرب السابق ليوفنتوس فابيو كابيلو أن بيرلو “لديه أفكار متقدمة للغاية حول كرة القدم. إنه لاعب وسط داخل وخارج الملعب. يراقب ويدرس كل شيء. تدرب على يد مدربين مهمين للغاية، لذا فهو لا يفتقر الى أي شيء للقيام بعمله بشكل جيد”.
تلقى يوفنتوس 43 هدفا في الدوري المحلي هذا الموسم، وهو أسوأ أداء دفاعي له منذ قرابة عقد من الزمن، في حين كان اعتماده الهجومي مرتكزا بشكل خاص على نجومية رونالدو الذي سجل 37 هدفا على الصعيدين المحلي والقاري.
وكشف بيرلو الذي فاز بلقبين في دوري أبطال أوروبا تحت قيادة كارلو أنشيلوتي في ميلان، أنه “فكرت في منتصف الليل بالمكان الذي يجب أن أضع فيه اللاعبين، بدلا من النوم. ما هي الخطة التي سأستخدمها؟ 3-3-4…”.
وتابع “هذا يعتمد حقا على اللاعبين المتاحين. ربما تجد أنهم يتأقلمون بشكل أفضل مع طريقة لعب أخرى. ربما تكون مخطئا بفكرتك حيال بعض اللاعبين (مراكزهم). في هذه المرحلة عليك أن تتكيف. إذا حاولت فرض نفسك (بدون اقناع)، فإنك تضيع الوقت وهم لن ينجزوا (ما يطلب منهم)”.
المصدر: الدار- أف ب