الحرب على الإرهاب لا تعرف الأزمة الصحية
الدار / افتتاحية
على الرغم من ظروف الأزمة الصحية لا يسمح المكتب المركزي للأبحاث القضائية لأعينه الحارسة بالنوم. فهذا المكتب التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني يؤكد باستمرار أن الحرب على الإرهاب والتطرف لا يمكن أن تنتظر رفع حالة الطوارئ أو نهاية الأزمة الصحية. هذا هو عنوان الضربة الأمنية التي سجلها المكتب اليوم الخميس، على ضوء معلومات استخباراتية دقيقة، بتفكيك خلية إرهابية تابعة لما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”، وإحباط مخططاتها التي كانت وشيكة وبالغة التعقيد، ولها ارتباطات في عدة مدن مغربية، وذلك في إطار الجهود المتواصلة لتحييد مخاطر التهديد الإرهابي، وتحصين المملكة ضد المخططات التخريبية التي تراهن عليها التنظيمات الإرهابية.
وذكر بلاغ للمكتب المركزي أنه تم تنفيذ هذه العمليات الأمنية بشكل متزامن بمدن طنجة وتيفلت وتمارة والصخيرات، في الساعات الأولى من صباح اليوم، وأسفرت عن توقيف خمسة متطرفين، تتراوح أعمارهم ما بين 29 و43 سنة، غير أن أحد المشتبه فيهم أبدى مقاومة عنيفة بمدينة تيفلت، محاولا تعريض عناصر التدخل السريع لاعتداء إرهابي، حيث أصاب أحدهم بجرح بليغ على مستوى الساعد باستعمال أداة حادة، قبل أن يتم توقيفه بعد إطلاق عيارات نارية وقنابل صوتية بشكل تحذيري.
وبالنظر إلى حجم هذه الشبكة وانتشارها وخطورة المحجوزات التي تمت مصادرتها، فإن هذه الضربة الموجهة للشبكات الإرهابية تعتبر الأقوى والأكبر منذ بداية جائحة كوفيد 19. وتأتي في سياق عمل أمني استراتيجي يقوم على الضربات الاستباقية المعتمدة على المعلومات الاستخباراتية ومراقبة تحركات التنظيمات. إنها استمرار لخطة التحييد التي ينهجها المكتب من أجل التعامل مع الجريمة الإرهابية قبل وقوعها لتفادي ما يمكن أن تسببه من أضرار بشرية ومادية، وتأثير خطير على سمعة المغرب واستقراره وجاذبيته السياحية.
ومن الواضح أن هذه الضربة الأمنية الجديدة ستضرب عدة عصافير بحجر واحد. فبالإضافة إلى الحماية والوقاية من الاعتداءات الإرهابية، فإنها تعيد التأكيد على نهج المغرب الصريح القائم على اجتثات الإرهاب بكل مقوماته وأفكاره وموارده. وهي رسالة ذات مسار داخلي وخارجي في الوقت نفسه. إنها تطمئن المواطن المغربي المتأزم بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا، على أن أجهزته الأمنية ليست منشغلة عن أمنه واستقراره بظروف الأزمة الصحية ولا يقتصر عملها على الوقوف في السدود الأمنية ومراقبة تطبيق التعليمات المتعلقة بحالة الطوارئ. كما أنها تبعث رسالة مخضبة بالصرامة والحزم في مواجهة كل من يسول له نفسه في ابتعاث مندوبين وإرهابيين بالوكالة مثلما هو الحال بالنسبة لتنظيم دولي كتنظيم “الدولة الإسلامية”.
لقد كان من بين المحجوزات التي أعلن عنها بلاغ المكتب المركزي للتحقيقات القضائية أسلحة وأحزمة ناسفة، وكمية كبيرة من “نترات الأمونيوم” التي كانت سببا في انفجار ميناء بيروت قبل أسابيع. ويأتي هذا بعيد تشديد وزارة الداخلية في وقت سابق على ضرورة تتبع مخزون “نترات الأمونيوم” في كل المخازن والشركات والمصانع والمتاجر التي يرخص لها عادة بتسويقه أو توزيعه. وهذا الإجراء الذي سبق تفكيك الشبكة الإرهابية الأخيرة يؤكد أن مصالح وزارة الداخلية لا تكاد تترك للصدفة أي تفصيل أو جزئية عندما يتعلق الأمر باستقرار البلاد وأمن مواطنيها. وفي عالم التحقيقات الأمنية فإن مثل هذه الجزئيات يمكن أن تشكل خيوطا تقود إلى تحقيق أهداف أمنية هامة جدا من قبيل تلك التي تحققت اليوم بتفكيك خلية تنظيم “الدولة الإسلامية”.